راكمت العائلة الحاكمة في قطر على مرّ السنوات ثروة خيالية خارج البلاد، تقدّر بنحو 4.5 مليارات يورو. وهو رقم يساوي ضعف الثروة المقدّرة من قبل المجلات المتخصصة مثل «فوربز» و«تايم» بـ 2.2 مليار يورو للأمير القطري السابق، حمد آل ثاني. وبناءً على تحقيق أجرته صحيفة «ميديابار» الفرنسية، فإن مرتكزات هذه الثروة تتوزع على شركات وسيارات وأبنية فاخرة ويخوت، في ثروة «مخبأة بعناية وراء كوكبة من الشركات الوهمية المسجلة في الملاذات الضريبية». ورغم أن حمد قد تنازل عن الحكم لابنه تميم في عام 2013، إلا أنه يبقى مسؤولاً عن هذه الأملاك والاستثمارات التي يذكرها التحقيق المنشور أمس.
1.2 مليار يورو من مقتنيات فاخرة معدة للاستعمال الشخصي

واحتسبت الصحيفة هذه الثروة المخبّأة للأمير القطري بناءً على وثائق سرية قد حصلت عليها، ومكّنتها من تتبّع التاريخ السري لثروته، ودور زوجته الشيخة موزة.
ويتكون الجزء الأول من هذه الثروة البالغ 1.2 مليار يورو من مقتنيات فاخرة معدة للاستعمال الشخصي لآل ثاني، مؤلفة من القصور والشقق في باريس ولندن ونيويورك واليخوت الفاخرة، تفصلها الصحيفة في تحقيقها. أما الجزء الثاني من الثروة، فيتكون من العقارات التجارية، بعضها يتوزع على جزر توركس وكايكوس في الكارييبي، ويتركز أغلبها على فنادق وأبنية في بروكسل ولندن، ولكن بالأخص في باريس.
ولباريس أهمية كبرى للعائلة «الملكية»، ففي هذه المدينة يقع مقر إحدى شركات الأمير القطري المهمة، «إدارة الممتلكات الفرنسية» أو FPM، تديرها الفلسطينية شاديا كلوت التي تحظى بثقة حمد منذ سنوات وتضع يدها على الكثير من أعماله، أي تقريباً كل ملكية خاصة لآل ثاني عالمياً، وتشرف على معظم استثماراته التجارية في أوروبا. ويرتبط الحساب المالي لهذه الشركة بالمؤسسة الهولندية «مايابان بي في» التي يملكها حمد أيضاً، وهو حساب مفتوح على الفرع الباريسي لمصرف قطر الوطني. ووفق معلومات «ميديابار»، فإن كلوت تدير أيضاً «عمليات سرية للغاية» ممولة من الحساب المذكور، تفترض الصحيفة أن جزءاً منها، 5 ملايين يورو، ذهب بطريقة «غير مبررة» لأحد مديري أعمال حمد، فيكتور الآغا.
أما عن كيفية تحصيل هذه المليارات، فتشير الصحيفة إلى أن هذا الازدهار بثروة آل ثاني بدأ منذ عام 2000، تزامناً مع ارتفاع عائدات الغاز الطبيعي، وسعي العائلة الحاكمة إلى فرض قطر على الساحة العالمية بدءاً من إنشاء شبكة الجزيرة الإعلامية، وبالعلاقة المتينة مع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وصولاً إلى «غزو» عالم الرياضة والتحصل على حق استضافة كأس العالم 2022 الذي تحيط الشكوك بنزاهة استحصاله.
وفي جزئه الأخير، يوضح التحقيق أن حمد لم يتوقف عن استثمار ثرواته الطائلة حتى بعد مغادرته السلطة كمحاولة لتبييض صورة الإمارة، خصوصاً في ظل شكوك الفساد التي أحاطت بحمد بن جاسم، وزير الخارجية السابق اليد اليمنى للأمير الوالد، والذي استثمرت الإمارة خلال عهده بمليارات اليورو في فرنسا وأوروبا. وهو ما كشفت عنه أوراق بنما أيضا التي بينت أنه في أيلول عام 2013، وبعد شهرين من مغادرته الحكم، أصبح حمد آل ثاني مساهماً بنسبة 75 في المئة في شركتي «ريان» و«ياليس» في بنما، أما الـ 25 في المئة الباقية، فهي من نصيب حمد بن جاسم. وعمل آل ثاني على إنشاء شركة ثالثة أيضاً في وقت لاحق، لا تزال مصادر تمويلها والشركتين الأخريين غير معروفة، هذا فضلاً عن غموض الأسباب التي جعلت هذه التمويلات تجد ملجأً في الملاذات الضريبية بعد مغادرة حمد للسلطة، ما يبقى الكثير بعد لاستكشافه من «أسرار ثروة آل ثاني».
(الأخبار)