غداة تقديم المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ إحاطة إلى مجلس الأمن ضمّت تصوراً لخريطة طريق تقدّم مفاتيح لحلّ الأزمة، أبدى وفد صنعاء اعتراضات على مضمون الإحاطة وانتقادات لأداء ولد الشيخ، في وقتٍ بدت فيه كل الأحاديث وردود الفعل السياسية في العاصمة الكويتية منفصلة عن واقع الميدان الذي عاد إلى الاشتعال، في تهديد جدي لانهيار التهدئة العسكرية كلياً. وانسجاماً مع موقف وفد الرياض من التطورات الميدانية الأخيرة، ولا سيما تقدّم الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» باتجاه قاعدة العند العسكرية في محافظة لحج الجنوبية، وفي المناطق الواقعة شرقي محافظة صنعاء، عبّر ولد الشيخ عن «استيائه» من التقدم نحو العند عبر السيطرة على جبل جالس القريب منها، معتبراً أنها «تطور خطير يمكن أن يهدد المشاورات برمتها».
ووجّه وفد صنعاء انتقادات إلى ولد الشيخ، منطلقاً من ملاحظات عدة، أهمها أن ولد الشيخ تجنّب في إحاطته الحديث عن مؤسسة الرئاسة بالرغم من الكثير من الآراء والتصورات التي تقدم بها وفد صنعاء في هذا الجانب. وأشار الوفد إلى حالة الانحياز التي يمارسها ولد الشيخ مع آراء وتصورات دول التحالف السعودي «التي تسعى إلى تحقيق أهداف العدوان من خلال طاولة المفاوضات».
جدد وفد صنعاء المطالبة بتشكيل سلطة توافقية انتقالية

كذلك، انتقد الوفد الذي يمثل حركة «أنصار الله» وحزب «المؤتمر الشعبي العام» في جلسةٍ ثنائية مع ولد الشيخ في العاصمة الكويتية أمس، طريقة تناول الأخير عمليات الإفراج عن الأسرى من قبل الجيش و«اللجان الشعبية» والتقليل من شأنها ونسبتها إلى غير أهلها. وقالت مصادر مواكبة للجلسات، إن الوفد سجّل رفضه منطق ولد الشيخ «الذي تعمد التقليل من أهمية عملية الإفراج عن أكثر من 400 أسير عبر قرنها باعتقالات طاولت صحفيين من جانب الجيش واللجان الشعبية».
وطالب الوفد المبعوث الدولي بإيضاح المصادر التي يعتمد عليها في مثل هذه المعلومات، مسائلاً إياه عن سبب تجاهله وفد صنعاء في استقاء أي معلومات تتعلق بالشأن الميداني والسياسي الداخلي. وأشار الوفد أيضاً إلى طريقة «المجاملة والإطراء المتواصل» من قبل ولد الشيخ للسعودية والإمارات، وانتقاله أخيراً إلى تقديم الشكر لحكومة أحمد بن دغر «التي عجزت حتى عن رفع العلم الوطني في قصر معاشيق في عدن»، فيما حرص ولد الشيخ على الحديث عن عودتها الصورية إلى عدن وتصويره بكونه إنجازاً لـ«الشرعية»، وهو ما يعد مخالفة لمهماته كمبعوث دولي يفترض به الحياد وعدم الانحياز إلى طرف ضد آخر، إن أراد النجاح في مساعيه ومساعي الأمم المتحدة، بحسب الوفد.
وفي سياق متصل تساءل الوفد عن سر تجاهل ولد الشيخ في إحاطته تحركات عناصر «القاعدة في اليمن»، ولا سيما أنها سيطرت أخيراً على محافظة أبين «من دون أن يثير ذلك قلق ولد الشيخ أو الأمم المتحدة». كذلك، انتقد وفد صنعاء تجاهل ولد الشيخ لمجزرة القبيطة في لحج، التي ارتكبها طيران «التحالف» قبل يومين، وكذلك عملية التهجير القسري لأبناء المحافظات الشمالية من عدن.
إلى ذلك، تطرقت الجلسة الثنائية إلى مطالب وفد صنعاء التي تشكل بالنسبة إليه مفتاح الحلول السياسية القابلة للتنفيذ وأبرزها السلطة التنفيذية ومهمات مؤسسة الرئاسة وصلاحياتها والحكومة التوافقية بالتزامن مع تشكيل اللجان العسكرية والأمنية.
وكان ولد الشيخ قد جدد مطالبته الأطراف اليمنية بالتزام اتفاق «وقف الأعمال القتالية» مؤكداً أن ذلك «شرط مهم» لإكمال العملية السياسية، وذلك تعليقاً على التطورات الميدانية الأخيرة جنوباً وشمالاً.

(الأخبار، أ ف ب)