لم يأت الإخفاق الإسرائيلي في منع تبلور قرار أوروبي يدعم المبادرة الفرنسية إلا بعد جهود بذلتها وزارة الخارجية الإسرائيلية ومعها سفارات العدو في العواصم الأوروبية ومؤسسات الاتحاد الأوروبي من أجل منع صدور قرار داعم لباريس. ومن المتوقع أن يصدّق وزراء خارجية الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، اليوم، على قرار يدعم المبادرة الفرنسية ويتبنى البند الرئيسي فيها الداعي إلى «عقد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة إسرائيل والفلسطينيين» حتى نهاية السنة.في هذا الإطار، كشف مسؤول رفيع في الخارجية الإسرائيلية، عن أن السفراء الإسرائيليين في العواصم الأوروبية وجهوا رسالة تعارض بشدة المبادرة الفرنسية وكل خطوة تهدف إلى دفعها. لكن الذي حدث، كما يؤكد المسؤول استناداً إلى صحيفة «هآرتس»، أن كل الادعاءات الإسرائيلية «رُفضت بأدب». ولفت المسؤول نفسه إلى أن «الجميع يوافقون معنا على أنّ من الأفضل مبدئياً إجراء مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكنهم، عملياً، لا يتطرقون إلى رفضنا للمبادرة الفرنسية... بكل بساطة، في كثير من الدول لا يتفهمون موقفنا»، مضيفاً: «باستثناء ذلك، هناك المزيد من الدول التي ترغب في تعزيز المبادرة الفرنسية، خصوصاً في ظل غياب أي مبادرة أخرى تحاول كسر الجمود في العملية السلمية».
تحاول تل أبيب تخفيف صيغة القرار المرتقب صدوره اليوم

الاندفاعة الإسرائيلية تُجاه العواصم الأوروبية أتت بعد مؤتمر باريس، مطلع الشهر الجاري، الذي شكَّل دفعاً للمبادرة الفرنسية. وقبل ذلك، كانت تل أبيب تبدي قلة اكتراثها بالخطوة الفرنسية. لكن بعد نجاح عقد المؤتمر في باريس، أدركت إسرائيل أن المبادرة تحقق زخماً، خاصة أن فرنسا واصلت العمل على دفع المبادرة بكل قوة، من أجل تجنيد الدعم الدولي لها والدفع باتجاه خطوات مكملة، كتشكيل طواقم العمل الدولية التي ستهتم بصياغة خطوات بناءة للثقة، وترتيبات أمنية ومحفزات اقتصادية.
وبعد الإخفاق الإسرائيلي في منع القرار الأوروبي الداعم للمبادرة، خفَضت تل أبيب سقفها وطموحها في هذا المجال، وبدأت العمل على محاولة تخفيف صيغته. على هذه الخلفية، يُركِّز الديبلوماسيون الإسرائيليون خاصة على محاولة إسقاط بند يربط بين المبادرة الفرنسية واقتراح الاتحاد الأوروبي، في كانون الأول 2013، برفع العلاقات مع إسرائيل إلى درجة «شريك مفضل ومميز» مقابل اتفاق تسوية مع الفلسطينيين. وقد رفضت إسرائيل حتى اليوم إجراء أي اتصالات رسمية مع الأوروبيين حول هذا الاقتراح.
وتعتقد إسرائيل أن الربط بين هذين الأمرين يعني طرح شرط أوروبي آخر لتحسين العلاقات مع تل أبيب التي حاولت في العامين الأخيرين، عدة مرات، دفع مسائل مختلفة أمام الاتحاد الأوروبي، لكنها أبلغت بأن ذلك سيكون في إطار ترقية مكانة إسرائيل بعد توقيع اتفاق مع الفلسطينيين.
في المقابل، أكد المسؤول الإسرائيلي أن «الأوروبيين يطرحون أمامنا المزيد والمزيد من الشروط لتحسين العلاقات»، متسائلاً: «هل المبادرة الفرنسية ستتحول إلى شرط إضافي؟». وأضاف: «لن ننجح في منع الإشارة إلى المبادرة الفرنسية في القرار الذي سيتخذ غداً (اليوم)، لكننا نرغب في الفصل قدر الإمكان بينها وبين السياسة الشاملة للاتحاد الأوروبي، خصوصاً ما يتعلق بصفقة المحفزات التي عرضتها أوروبا على إسرائيل».
من جهة أخرى، ذكرت «هآرتس» أنه عشية الزيارة المرتقبة للرئيس الإسرائيلي، رؤوبين ريفلين، إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل، حيث سيلقي خلالها خطاباً أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبوغ، وجَّه إليه رؤساء أربع كتل في البرلمان الأوروبي رسالة أعربوا فيها عن قلقهم الكبير إزاء مشروع قانون وسم الجمعيات التي تتلقى تمويلاً أجنبياً، وهو مشروع يستهدف بالأساس الجمعيات اليسارية. وأكد رؤساء الكتل، في رسالتهم، أن مشروع القانون يشجع الهجوم على ناشطي حقوق الإنسان، ويمكنه أن يمسّ التعاون بين إسرائيل والاتحاد.
وسيغادر ريفلين في زيارة رسمية للاتحاد الأوروبي. ويلقي بعد غد (الأربعاء) خطاباً باللغة العبرية أمام البرلمان الأوروبي، ثم يلتقي مع رئيسه مارتين شولتس. كذلك سيلتقي مع ملك بلجيكا، ورئيس الحكومة البلجيكية، شارل ميشيل. وسيجتمع أيضاً مع رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، ورئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فدريكا موغريني، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي، يانس ستولتنبرغ.