احتلّت الجلسة الأولى من الدورة العادية الأولى للدور التشريعي الثاني، لمجلس الشعب السوري المنتخب حديثاً أحاديث السوريين، بعد فوز امرأة برئاسته في بادرة استوقفت اليائسين من دور المجلس على اختلاف دوراته. الدكتورة هدية عباس، ابنة محافظة دير الزور، أقصى الشرق السوري، هي أول امرأة تفوز، بالتزكية، في انتخابات رئاسة البرلمان في سوريا والبلدان العربية. وإن كان الحدث يعطي نقاطاً لمصلحة السلطة الحاكمة، وحزب البعث على وجه الخصوص، غير أن الجلسة تخللتها مشاهد عدة مثيرة للجدل. وعلى الرغم من وصول المرأة إلى مناصب رفيعة المستوى، كنائبة رئيس الجمهورية في الشؤون الثقافية الدكتورة نجاح العطار، فإن انتخاب عباس أعاد إلى الواجهة معاناة السوريات في ظل قوانين مجحفة بحقهن. من هذه القوانين ما يمنعهن من الزواج في المحكمة الشرعية دون وكيل، أو يرفض منحهن الجنسية السورية لأبنائهن، إلى مآسٍ آخرى.
انتخاب امرأة على رأس البرلمان أعاد الأمل إلى قلوب بعض السوريين، على اعتبار أن لدى القيادة نيات في التغيير. وقد لاقت مشيئة «البعث» هذه استحسان الأحزاب العلمانية في المجلس، فلم يلقَ ترشيح امرأة اعتراضاً ظاهراً من أي من الأعضاء، ما دعا النواب جميعاً إلى الامتناع عن الترشح أمامها، باعتبار أي مرشح سيخسر أمام المرشحة الوحيدة للائحة البعث والمدعومة من أكثر من 51% من أعضاء المجلس.
اعتلت الرئيسة الجديدة المنبر مفتتحة كلامها بآية قرآنية، ومتمنية أن تقوم بواجبها لتنال رضى الله تعالى أولاً ثم الشعب. ووعدت الشعب بـ«عدم السكوت عن الخطأ ورفع الصوت عالياً في وجه كل فاسد». وعقب خطابها، رشّح المخرج نجدت أنزور نفسه لمنصب نائب رئيس المجلس، ليفوز بالتزكية أيضاً، فيما انتُخب النائبان رامي الصالح وخالد العبود لأمانة سر المجلس.
الجلسة الأولى للبرلمان السوري كانت إجرائية عادية، بحسب قول عضو مجلس الشعب الكاتب نبيل صالح، معتبراً أن «اختيار امرأة لرئاسة البرلمان أمر طبيعي في المجتمع السوري، إذ إنه يوافق ثقافاته وعاداته، في ظل وجود سوريات قائدات في شتى المجالات، ما يؤكد حسن قبول الرجال وتفهمهم لإمكان تفوق المرأة». ويذكر صالح، في حديث لـ«الأخبار»، أن فوز امرأة بمنصب رئاسة المجلس هو أمر مبشّر، غير أن المنصب بحد ذاته تشريفي، بالدرجة الأولى، حسب تعبيره، ودوره متعلق بتنظيم الجلسات لا أكثر. وأضاف: «لا سلطة لرئيس المجلس على الأعضاء. يمكننا قول ما نريد. إنما الفعل الحقيقي يتعلق بعمل اللجان وتفعيل دور المجلس بما لا يجعله تابعاً للحكومة. بل العكس». ويلفت صالح إلى محاولاته العمل على إنشاء كتلة برلمانية تمكّن المجلس من أن يكون أكثر شجاعة في مراقبة عمل الحكومة ومواجهة الفساد». وحول اتهامات البعض لانتخاب امرأة رئيسة للبرلمان بأنها «تمثيلية من النظام»، يقول صالح: «مهما فعلنا فسيقولون إنها تمثيلية».