أربعة أيام فقط هي المدة التي سيُفتح فيها معبر رفح أمام ثلاثين ألف مسافر هم من سجلوا أسماءهم في كشوف «هيئة المعابر» التابعة لوزارة الداخلية في غزة. ومن بين آلاف المرضى وكبار السن، الذين احتشدوا على البوابة الخارجية للمعبر، كان ياسر حلس (25 عاماً) يبرّد بالماء وجه أخيه الأصغر محمد، الذي أنهكه الحر والازدحام الشديد، وهو مريض بداء الفشل الكلوي.وقد سجل الاثنان في كشوف المغادرين كي يتبرع ياسر بإحدى كليتيه، لأن هذا هو الحل الوحيد الباقي كي يبقى أخوه على قيد الحياة. ولا تكاد الكلمات تخرج من أحمد إلا وهو متعب، قائلا: «أنا بموت في كل يوم عشر مرات... ارحموني».
ليس بعيداً عن الأخوين حلس، كان يجلس مريض السرطان أنور سليم، على كومة من الحقائب التي أعدها لرحلة علاجه. سليم الذي سيقضى يومه الثاني مبيتا في المعبر، يحاول الخروج من غزة بعدما أوقفت السلطة الفلسطينية التحويلات الطبية إلى مستشفيات الداخل المحتل، ولم يبقَ أمامه سوى العلاج في المستشفيات المصرية. يقول: «بدي أطلع من غزة وأنا جاهز أسافر وانحبس في المستشفى ما بدي اطلع منها، بس ما يتأخر علاجي».
على جانب سليم، كانت الحاجة نهاد عبد الكريم تهمس بصوت متقطعٍ وهي تسند نفسها على كتف أحد أبنائها: «والله مش قادرة امشي خطوتين، رايحين نتعالج مش نتفسح يا عالم، ارحمونا وانهوا المعاناة». أضاف إليها المهندس محمد حمدان رسالة إلى «أم الدنيا»، قائلا: «احنا وشعب مصر أخوة، وما بعمرنا راح نكرههم؟، لكن مش مكفي حصار إسرائيل إلنا؟».
وصلت مبالغ التنسيق لضباط مصريين إلى 5 آلاف دولار على الفرد

كل هذه المشاهدات لا تصف ما يحدث هنا حقا، بل إن فتح المعبر، الذي جاء كنوع من «كرم الضيافة» لوفد «حركة الجهاد الإسلامي» بعدما زار مصر قبل نحو أسبوع، لا توحي طريقة العمل البطيئة فيه، إلا بفكرة بعض المراقبين لعمله، وهي تقول إن فتحه «خطوة إعلامية» أكثر من كونها إنسانية، لأنه لم يسافر في اليوم الأول من فتحه سوى 370 مواطنا منهم 160 من أصحاب «التنسيقات»، وهؤلاء يدفعون مبالغ مالية تتجاوز 5000 دولار أميركي لضباط مصريين عبر وسطاء فلسطينيين مقابل حصولهم على أولوية الخروج من المعبر.
ويشترط المصريون عادة دخول عدد من حافلات «التنسيقات» مقابل دخول باصات المسجلين في الجانب المصري، أي تدخل حافلة «التنسيقات» أولا، ثم حافلة أصحاب الجوازات المصرية، ثم الحافلات العادية، كما أن اليوم الثاني (أمس) لم يكن أحسن حالاً من الأول، فقد اضطرت «هيئة المعابر الفلسطينية» إلى تأجيل عبور الحافلات التي كان من المقرر خروجها أمس، إلى الغد (السبت)، لأن الجانب المصري لم يسمح حتى ساعات متأخرة إلا بدخول حافلة واحدة كانت مرجعة من أول من أمس (الأربعاء). كما طلب المصريون تخصيص باقي اليوم لخروج حافلات تحوي عددا من المواطنين المصريين الموجودين في غزة، إضافة إلى حافلتين أخريين تقلان أصحاب «التنسيقات».
ومع أن حركة العمل في معبر رفح تكاد تكون معدومة بحسبان عدد الأيام المغلق فيها، لكن مدير المعبر، هشام عدوان، رأى في فتحه جزئيا «سابقة إيجابية وجيدة». وأوضح عدوان أن «المعبر يعمل لعودة العالقين في الجانب المصري، ولمغادرة الحالات الإنسانية من غزة تجاه الأراضي المصرية، فقط».
وكانت مصر قد فتحت معبر رفح في الحادي عشر من الشهر الماضي ليومين متتالين من أجل سفر بعض الحالات الإنسانية بعد زيارة رئيس السلطة، محمود عباس، إليها. وتمكن آنذاك نحو 700 شخص من السفر من أصل نحو ثلاثين ألفا، وفق وزارة الداخلية في غزة، فيما تتزايد أعداد المسجلين للسفر مع بدء الإجازة الصيفية.
إلى ذلك (الأخبار)، استشهدت الفلسطينية أنصار حسام هرشه (25 عاماً)، أمس، بعدما أطلق عليها جنود العدو الإسرائيلي النار بحجة محاولتها تنفيذ عملية طعن. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد الهرشه، وهي أم لطفلين، برصاص الاحتلال على حاجز عناب العسكري شرق مدينة طولكرم.