بالرغم من المحاولات الدولية الساعية إلى إنقاذ المحادثات اليمنية من فشلٍ محتوم، يبدو أن تباعد فريقي النزاع، يرافقه التصعيد الميداني غير المسبوق منذ سريان وقف إطلاق النار، يصعّب هذه المهمة ويزيد التشكيك في إمكانية إستمرار المشاورات في هذه الأجواء.ولا يزال الفريقان يصرّان على مواقف متباعدة وخصوصاً على المستوى السياسي، حيث يضع وفد الرياض شرط الاعتراف بشرعية الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي في أولويات النقاش، مستنداً الى ما أكدوا أنه «التزام» من الأمم المتحدة في جعل هذا البند من المسلّمات، مقابل مطالبة وفد صنعاء بتشكيل حكومة توافقية تدير المرحلة المقبلة.
وتعزز القناعة بانسداد أفق المشاورات، تصريحات المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ حول «إعادة الحكومة ومؤسسات الدولة وسحب السلاح من دون الاشارة إلى ما توصلت إليه اللقاءات الأخيرة من بحثٍ في نقاط جديدة»، ما عدّه وفد صنعاء عودة إلى المربع الأول في سياق ما يرى أنه انحياز من ولد الشيخ والأمم المتحدة للطرف الآخر.
وفي وقت ازداد فيه التصعيد الميداني على الجبهات الشمالية الشرقية، جاءت جولة وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، في دول الخليج واضعاً دفع عجلة الحلّ السياسي للأزمة اليمنية في أولوياتها. ومن الكويت، دعا هاموند الأطراف اليمنية المشاركة في المشاورات إلى تحمل مسؤولياتها للتوصل إلى حل سلمي للنزاع وإنقاذ بلدهم من انهيار اقتصادي كبير.
وقال في مؤتمر صحافي عقب لقائه ولد الشيخ إنه يجب أن نكون متفائلين بحذر بشأن هذه المشاورات، موضحاً أنها «أخذت وقتاً طويلاً لكنها تشهد تقدماً مع مرور الوقت».
في سياق متصل، التقى الوفد الممثل لحركة «أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي العام» أمس، السفير الروسي إلى اليمن فلاديمير ديدوشكين وسفيرة الاتحاد الاوربي بيتينا موشايت. وتخلل اللقاء نقاشٌ في مجريات المشاورات ومآلاتها، إلى جانب المعاناة الإنسانية جراء الحرب والتطورات الميدانية الأخيرة. وعبّر السفيران عن دعمهما لجهود إنجاح المشاورات في الكويت وضرورة ان تنتهي باتفاق شامل وعادل ينهي معاناة اليمنيين، مشيرين إلى ضرورة أن يكون هناك ضمانات مكتوبة ضمن الاتفاق النهائي للحل وتنازلات من قبل جميع الاطراف لتحقيق السلام.
وشهد يوم أمس لقاءً بين وفد صنعاء وولد الشيخ لمناقشة الملفات الأمنية والسياسية وعرض رؤى وفد الرياض للحل. وناقش اللقاء تشكيل لجنة أمنية وعسكرية تتولى الترتيبات الأمنية للمرحلة المقبلة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، إضافةً إلى لجنة ضمانات لمتابعة الاتفاقات التي سيجري إبرامها.
من جهة أخرى، نقلت وكالة «الأناضول» عن مصدر في وفد الرياض قوله إن الانسداد ما زال مخيماً على المحادثات غير المباشرة، وأن لجنة المعتقلين والأسرى والمخفيين قسرياً «هي الوحيدة التي حققت تقدماً لا بأس به رغم ظهور نيات لإفشال عملها». واتهم المصدر من الوفد الذي يمثل الرئيس المستقيل الطرف الآخر بالتملص من مرجعيات الحوار، مبدياً التذمر من مطالبة وفد صنعاء بسلطة توافقية لكل المؤسسات التنفيذية، بما فيها مؤسسة الرئاسة رغم التزام الأمم المتحدة مسبقاً بأنه لا نقاش في «شرعية الرئيس هادي».
وكان ولد الشيخ، قد قال في وقت سابق أمس، إن المرحلة المقبلة من مشاورات السلام «ستكون حاسمة». وأضاف في بيان: «نحن على الطريق الصحيح، والأمم المتحدة تعمل على أرضية صلبة لتوافق سياسي شامل تضعه في متناول الأطراف».
من جهة أخرى، وفيما يتفاقم الوضع الاقتصادي والإنساني، بدا يوم لافتاً يوم أمس عجز الأمم المتحدة عن إدخال سفينة مازوت إلى اليمن، كان يفترض دخولها إلى ميناء الحديدة للتخفيف من معاناة اليمنيين في ظلّ موجة الحر التي تسود البلاد. ووجه وفد صنعاء من الكويت اللوم للأمم المتحدة، معتبراً ذلك عجزاً واضحاً أمام امتحان إنساني بسيط. وشدد وفد صنعاء على ضرورة رفع الحصار والقيود الاقتصادية لرفع معاناة الشعب اليمني.