منذ صدور حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب في 14 تموز 2012، قبل ساعات من إعلان فوز الرئيس الإسلامي محمد مرسي بالانتخابات الرئاسية، أخفقت الحكومات المتعاقبة في إقرار صيغة دستورية لقوانين الانتخابات تضمن تحصين المجلس من الحل، في ظل غياب ضمان سيطرة النظام الموجود في السلطة على الأغلبية.
وبرغم أن «خريطة الطريق» كانت تنص على إجراء الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية، فإن الرئيس السابق المؤقت، عدلي منصور، غير الخريطة استجابة لما سماها مطالب القوى السياسية بضرورة انتخاب الرئيس أولا، فيما جرى تأويل تفسير المادة 230 من الدستور التي نصت على إجراء انتخابات الرئاسة والبرلمان في غضون ستة أشهر كحد أقصى من تاريخ العمل بالدستور في كانون الثاني 2014.
وتأخرت «اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية» في الانعقاد حتى الأيام الأخيرة من المهلة التي حددها الدستور كموعد لبدء الانتخابات، واستمرت في التأجيل عدة أشهر بدعوى عدم جاهزيتها للعمل واستمرار صياغة قوانين مباشرة الحقوق السياسية والبرلمان وغيرها من القوانين المنظمة لإجرائها، مفسرة مهلة الدستور بستة أشهر باعتبارها مهلة للبداية دون وضع جدول زمني للانتهاء منها.
تلا ذلك في آذار الماضي، إلغاء المحكمة الدستورية العليا إجراء الانتخابات البرلمانية لبطلان قوانينها بسبب التفاوت في نسب تمثيل النواب وغياب نص دستوري يمنع مزدوجي الجنسية من الترشح بخلاف ما ورد في القانون، وهو ما دفع السيسي إلى عادة أسلوب نظام مبارك في التعامل مع البرلمان، عبر تعديل قانون المحكمة الدستورية حتى لا تلزم بالفصل في الطعون الانتخابية بغضون أسبوعين، ومع ذلك يبقى احتمال حل البرلمان قائماً في أي وقت بحكم من المحكمة التي يمكن أن تنعقد بأي لحظة.
وتعديل قانون المحكمة بإلزامها الفصل في غضون أسبوعين بالقوانين أدخله رئيسها منصور خلال توليه منصب الرئاسة مؤقتاً، وذلك لمنع إدخال أعلى جهة قضائية في السياسة وخاصة أن صدور حكم حل البرلمان في 2012 جاء بعد صدامه مع الحكومة، وفسر بأنه تدخل حكومي لإلغاء البرلمان عبر القضاء، فيما كان منصور من أوائل الداعمين لإلغاء تعديله استجابة للسيسي الذي رغب في إجراء الانتخابات في وقت قصير، ضغوط المجتمع الدولي.
يبقى احتمال حل البرلمان قائماً في أي وقت مع وجود عدة دعاوى مؤجلة في المحكمة الدستورية للطعن بمواد قوانين الانتخابات وقانون مباشرة الحقوق السياسية، وهي الطعون التي تنتظر المحكمة دون أن تحدد جلسات لاستكمالها حتى الآن، علماً بأن المحكمة يمكن أن تعلن جلسة للفصل في الطعون وإصدار الحكم في غضون يوم واحد فقط، ولكن الرئيس يرفض إجراء تعديل تشريعي يحمي البرلمان من الحل في حال صدور حكم بحل المجلس، وبذلك بأن يجري تأجيل الحكم حتى انتهاء الدورة الحالية، لعدم دستورية المجلس.
شبح البطلان يلاحق بعض النواب أيضا استناداً إلى المادة 107 من الدستور، فمحكمة النقض (الجهة القضائية التي اختصها الدستور بالفصل في صحة عضوية النواب) بدأت النظر في 250 طعنا قدمت إليها خلال الشهور الماضية، ويمنحها الدستور 60 يوماً للفصل في الطعون على أن ترسل لمجلس النواب ما يفيد إبطال عضوية النواب، ويكون تنفيذ ذلك من تاريخ إبلاغ المجلس بالحكم، علماً بأن الدستور حدد ثلاثين يوماً فقط من تاريخ إعلان النتيجة لتقديم الطعون و60 يوماً من تاريخ التقديم للفصل فيها.
ويمتلك البرلمان الحالي صلاحيات هي الأوسع على الإطلاق في تاريخ الحياة النيابية، كصلاحية إصدار قوانين دون موافقة الرئيس، لأن الدستور ينص على أنه اذا رد الرئيس قانوناً لمجلس النواب ووافق عليه ثلثا الأعضاء يجري إقراره، بالإضافة إلى صلاحية عزل الرئيس من منصبه بموافقة ثلثي الأعضاء، فيما لا يجوز للرئيس حل البرلمان إلا عند الضرورة وبقرار مسبب، وبعد استفتاء شعبي.