عدن | بعد الحملة التي تصدّرتها دولة الإمارات لطرد تنظيم «القاعدة» من مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، أصدر التنظيم المتطرف بياناً حمل تهديداً للإمارات، الأمر الذي أثار تساؤلات عن إمكانية تحويل هذا التهديد إلى واقع عبر تنفيذ عمليات داخل الأراضي الإماراتية، أو أنه سيقتصر على استمرار استهداف القوات الإماراتية في جنوبي اليمن.


وتضمن بيان «القاعدة» الخاص بانسحابه من المكلا، الذي نُشر في مجلة «المسرى» التابعة للتنظيم، تهديداً مبطناً للدولة الخليجية التي قال إنها تولت العملية العسكرية التي أجبرته على مغادرة المدينة، مستخدماً المثل العربي الشهير: «جنت على نفسها براقش».

ويؤكد تاريخ الفرع اليمني من التنظيم قدرته على تصدير عمليات خارج حدوده، إذ يمكن الإشارة إلى نماذج من العمليات التي نفذها التنظيم خلال عامي 2009 ـ 2010

والتي جعلت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية تعده أخطر أفرع التنظيم الدولي.

أبرز تلك العمليات، كان تفجير طائرة أميركية خلال رحلتها من العاصمة الهولندية أمستردام إلى ولاية ديترويت الأميركية خلال فترة أعياد الميلاد ورأس السنة. العملية التي نفذها النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب، أظهرت المستوى التقني العالي الذي وصل إليه التنظيم، إذ اخترقت العبوة المتطورة كل أجهزة الكشف في المطارات بتقنياتها الحديثة.

خلال تلك الفترة كذلك، شهدت السعودية محاولة اغتيال نائب وزير الداخلية السعودي، محمد بن نايف، التي نفذها شاب سعودي يدعى عبدالله طالع العسيري. العملية لم تنجح في تحقيق هدفها، إلا أنها تمكّنت من اختراق أجهزة الكشف السعودية المتطورة، بعد التخطيط المحكم الذي أعدّه التنظيم في اليمن.



فجر تنظيم «القاعدة»

طائرة شحن في

دبي عام 2010



ويقف الفرع اليمني من التنظيم أيضاً وراء عمليات الطرود المفخخة، حين عثرت السلطات البريطانية في مطار محلي على قنبلة داخل طرد بريدي يحوي أسطوانة حبر طابعة. وفي مرحلة الطرود المفخخة التي سمّاها التنظيم «عبوات الاستنزاف»، عُثر على طرد مفخخ في مطار دبي، وصل على متن طائرة كانت آتية من اليمن. وفي دبي أيضاً، سبق لتنظيم «القاعدة» أن أعلن، عام 2010، مسؤوليته عن تفجير طائرة شحن تابعة لشركة (UPS) في سماء الإمارة، وهو ما يؤكد أن الإمارات لم تكن خارج أهدافه قبل الاعلان الأخير.

وبرغم أن الهيئة العامة للطيران المدني بدولة الإمارات أعلنت حينها أن التحقيقات التي أجريت والتفاصيل المأخوذة من موقع حطام طائرة الشحن الأميركية التابعة لشركة UPS لم تثبت وقوع انفجار على متنها، إلا أن تبني التنظيم للعملية يؤكد، على المستوى السياسي، أن الدولة الخليجية ليست بعيدة عن دائرة «أعدائه».

في تلك المرحلة، رأى الرئيس الأميركي باراك أوباما أن عملية الطرود «تهديد إرهابي خطير»، متهماً «القاعدة» بالتخطيط لشنّ هجمات جديدة على أراضي بلاده، ليصل إلى التوعّد بتدمير التنظيم في اليمن. أما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، فقد أكد آنذاك أن «التهديد من شبه الجزيرة العربية واليمن على وجه الخصوص تنامى وصار يملي علينا اتخاذ كل الخطوات الممكنة في العمل مع شركائنا في العالم العربي لاستئصال سرطان الإرهاب المتربص في شبه الجزيرة العربية».

وكان التنظيم قد نفذ، عام 2014، عمليات في منطقة شرورة داخل الأراضي السعودية، حين اقتحم بعدد من مسلحيه مبنى المباحث وقتل وجرح عددا من رجال الأمن السعوديين. كما توعد، في بيان له صدر عقب العمليات المذكورة، بتنفيذ المزيد منها.

ومن خلال المتابعة للعمليات التي صدرها فرع التنظيم إلى خارج حدود اليمن، نجد أنه نفذ معظمها عبر خلايا نائمة أو عبر مناصرين تحولوا إلى أعضاء فاعلين، كالعملية التي استهدفت مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية، والعملية التي استهدفت تجمعاً رياضياً في بوسطن في الولايات المتحدة الأميركية.

ويرجح محللون أن يحرص «القاعدة» على ترجمة تهديده، من خلال استهداف جنود إماراتيين في اليمن، ضمن قوات التحالف الذي تقوده السعودية، على غرار العمليات التي أعلن تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) مسؤوليته عنها واستهدفت قوات إماراتية في المكلا.