أياً كانت خلفية تأجيل «مؤتمر السلام الدولي» الذي بادرت إليه فرنسا، ينبغي بداية تثبيت حقيقة أن الانطباع السائد هو أن الحكومة الفرنسية متمسكة بمحاولة عقد المؤتمر، ويعود ذلك إلى حرصها على إحداث اختراق على المسار الفلسطيني ــ الإسرائيلي، انطلاقاً من تقدير مفاده أن استمرار الصراع على الساحة الفلسطينية ينطوي على تداعيات أقل ما يمكن القول أنها «تهيّئ الأرضية لانتشار الإرهاب» الذي بات يضرب أوروبا.في الإطار نفسه، قد تكون الانتفاضة في الساحة الفلسطينية عززت المخاوف الأوروبية والفرنسية من أن الإبقاء على حالة الجمود في الساحة الفلسطينية ينطوي على إمكانية حصول انفجارات تخرج عن سيطرة الأطراف، ثم الانزلاق نحو سيناريوهات ترى فيها تعزيزاً للمخاطر المحدقة التي تشهدها المنطقة، وهو ما برز في كلام وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك أيرو، الذي قال إن «التهديد يكمن في الإحباط المتزايد الذي يجر الغضب ويقتل الأمل».
ومن أجل مواجهة هذه الحالة التي يخشى الأوروبيون تداعياتها وآثارها في المنطقة، دعا أيرو إلى ضرورة «تجديد الأمل»، وهو ما تحاول المبادرة الفرنسية فعله. أما عن سيناريو الإبقاء على الوضع القائم بانتظار ما ستؤول إليه التطورات في المنطقة، ترى فيه باريس «إغراءً خطيراً» يستدعي العمل «قبل أن يصير الوقت متأخراً».
في المقابل، يتعارض هذا الموقف مع الرؤية الإسرائيلية التي تصر على الفصل بين القضية الفلسطينية وما تشهده المنطقة العربية من تطورات. بل يذهب التقدير في إسرائيل إلى حد التهويل من أن إقامة دولة فلسطينية سيضيف «دولة فاشلة إضافية» في المنطقة قد تستخدمها فصائل المقاومة للعمل ضد إسرائيل، إضافة إلى أنها قد تفتح الطريق أمام «تمدد الجماعات الإرهابية».
إلى ذلك، ترى إسرائيل أن انتقال المفاوضات إلى الساحة الدولية لا يصبّ في مصلحتها على المدى البعيد، خاصة أن جوهر السياسة الإسرائيلية يهدف إلى تثبيت الاحتلال والتوسع الاستيطاني. ولهذه الغاية تصر على مبدأ المفاوضات المباشرة ووضع شروط تتصل بمطلب الاعتراف بيهودية الدولة، الذي لا تستطيع السلطة، حتى الآن، تجاوزه. ولكن فرنسا تستغل المراوحة التي تشهدها عملية التسوية بسبب انسداد أفق المفاوضات المباشرة، للخروج نحو الإطار الدولي.
إلى ذلك، قال عضو اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير» أحمد مجدلاني، لوكالة أنباء «شينخوا» الصينية، أمس، إن «القيادة الفلسطينية كانت على علم مسبق بنية فرنسا تأجيل اللقاء التشاوري للتحضير لمؤتمر سلام دولي كان مقرراً انعقاده في الثلاثين من الشهر الجاري».