بعد ساعات من استئناف ألمانيا شحن الحقائب لمواطنيها على الرحلات السياحية المتجهة إلى مدينة شرم الشيخ، بعد حظر استمر نحو سبعة أشهر منذ سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء في نهاية تشرين الأول الماضي، بصفتها أول دولة أوروبية تتخذ هذه الخطوة بالتزامن مع الإجراءات الأمنية الجديدة المفروضة في المطارات المصرية، استدعت الخارجية الألمانية السفير المصري لديها، بدر عبد العاطي، لإبداء اعتراضها على المضايقات التي تتعرض لها منظمات المجتمع المدني في البلاد.وجاء الاستدعاء بعد أيام قليلة من إعلان منظمة "فريدريش ناومان" إغلاق مقرها الرئيسي في الشرق الأوسط، في القاهرة، ونقله إلى العاصمة الأردنية عمان، وذلك على خلفية مضايقات تعرضت لها خلال السنوات الماضية، علماً بأن "ناومان" ورد اسمها في قضية التمويل الأجنبي للمنظمات الحقوقية التي لا تزال التحقيقات قائمة فيها منذ خمس سنوات. وتدور التحقيقات حول تلقي بعض المؤسسات في هذا المجال أموالاً بطريقة مخالفة للقانون، وممارسة أنشطة تعتبرها الدولة مخالفة للقانون، في وقت تعكف فيه الحكومة المصرية على تعديل قانون الجمعيات الأهلية ليشمل المنظمات الحقوقية، وذلك مع تحديد ومراقبة أوجه الإنفاق الخاصة بهذه المنظمات.
قدرت مصادر دبلوماسية أن تحل الأزمة دون وصولها إلى البرلمان الألماني

السفارة المصرية لدى برلين قالت في بيان، إن اللقاء الذي جمع بين السفير المصري ونائب وزير الخارجية الألماني خلص إلى "ترحيب القاهرة بعمل جميع المؤسسات الألمانية على الأراضي المصرية في إطار التنظيم القانوني والاحترام المتبادل"، مشيرةً إلى أن إغلاق "فريدريش ناومان" هو "قرار ألماني اتُّخذ بناءً على مواقف ليست لها صلة بأي تضييقات مصرية".
وأضافت السفارة أنها "قدمت الصيغ القانونية لناومان قبل إغلاق مكتبها لتختار منها ما يناسبها، لكن المؤسسة لم توافق على أي منها"، لافتة إلى أن عمل أي منظمة غير حكومية يجب أن يكون في إطار اتفاقية ثنائية كما هو معمول به مع دول أخرى، أو من خلال قانون الجمعيات الأهلية للمنظمات غير الحكومية.
لكن مصدراً دبلوماسياً مصرياً تحدث إلى "الأخبار"، قائلاً إن "القاهرة طلبت من فريدريش ناومان الإبقاء على مكتبها في العاصمة المصرية، ولكن المنظمة تمسكت بالرحيل، وبعد ذلك طلبت وجود تمثيل لها هنا، وهو ما رفضته وزارة الخارجية لأنه لا توجد صيغة قانونية بعد إغلاق المكتب".
وذكر المصدر أن "مصر ترحّب دوماً بعمل جميع المنظمات تحت طائلة القانون دون أي استثناءات مهما كانت الأنشطة التي تمارسها المنظمات"، مضيفاً: "رغم زيادة التعاون بين برلين والقاهرة خلال الأشهر الماضية، فإن الاستدعاء الألماني لسفيرنا يؤكد وجود مشكلة متعلقة بمساحة الحريات الموجودة في المجتمع المصري، خاصة أن ناومان أوصلت شكوى إلى الحكومة في برلين". لكنه أعرب عن أمله ألّا يتفاقم هذا الأمر ويضاف إلى سجل الأزمات المصرية ــ الأوروبية، وأن يصار إلى الاكتفاء بالتفسيرات والإيضاحات التي قدمها السفير دون تصعيد مستوى المناقشات لتصل إلى البرلمان الألماني، وذلك "على خلفية تحركات إخوانية لاستغلال الموقف ولخفض مستوى التعاون المصري الألماني".