«مهنة من لا مهنة له»، تصف هذه العبارة حال أصحاب سيارات الأجرة في قطاع غزة. ففي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها سكان القطاع، وفقدان فرص عمل للخريجين الجامعيين أو للأفراد العاديين، تحوّل المتعطلون من العمل ممن لا تتجاوز أعمارهم ٣٠ عاماً، إلى سائقين يعملون «على الخط».لكنّ هذا العدد الكبير من أصحاب سيارات الأجرة زاد منسوب المشكلات بين السائقين الشباب الجدد والقدامى (الكبار في العمر)؛ فالراكب الغزّي يفضّل السيارات الخاصة الجديدة، التي يعمل عليها الشباب، على السيارات العمومية المتآكلة القديمة. كذلك زاد دخول بعض الشباب، الذين يوصفون بأنهم من «أصحاب الرؤوس الحامية»، وتيرة المشكلات مع رجال شرطة المرور «المتهمين» دوماً بعدم مراعاة ظروف الناس المعيشية.
هذه الظروف السيئة، دفعت سائق سيارة أجرة إلى محاولة إحراق نفسه في شارع جلال في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، أول من أمس، اعتراضاً على تحرير مخالفة مرورية بحقه.
محاولة الانتحار تلقفها عدد من المواطنين، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، التي دشّنت حملات إلكترونية دعت شرطة المرور إلى تخفيف حدّة تعاملها مع السائقين بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية.
في السياق، يقول المتحدث باسم الشرطة في غزة، أيمن البطنيجي، إن «المخالفة بحق ذلك السائق كانت نتيجة عدم توافر أوراق ثبوتية له أو لسيارته أو حتى رخصة قيادة». ويضيف في حديث إلى «الأخبار»، أن «محاولة انتحار السائق حادثة عرضية ولا يمكن اعتبارها بداية ظاهرة في المجتمع الغزي»، مشدداً على أن «القطاع يعيش حالة من فوضى المرور، فقد وقع أكثر من 1700 حادث سير منذ بداية العام، أدّت إلى مقتل 33 مواطناً، بينهم 18 طفلاً».
وبعد أقل من ساعة من هذه الحادثة، حاول شاب آخر إحراق نفسه على مفترق السرايا وسط مدينة غزة، بسبب سوء حالته المادية وعدم امتلاكه المال لتسديد الديون المتراكمة عليه.
وفيما كان الليل يسدل ستاره، أقدم مواطن ثالث على إحراق نفسه في منزله شرق خانيونس بسبب وضعه المعيشي السيّئ.
أمام ارتفاع حالات الانتحار، شنّت حملة إلكترونية ضد «حماس» التي تدير قطاع غزة، فانقسم الغزيّون بين مدافع عنها وآخرين حمّلوها مسؤولية هذا التدهور الخطير.
ولمواجهة محاولات الانتحار، يدور في أروقة وزارة الداخلية في غزة حديث عن بدء تنفيذ قانون العقوبات بحق كل من يحاول الانتحار، لعل ذلك يقلل محاولات الانتحار، ويكون رادعاً لمن ينوي تنفيذ عمل مماثل.
ويعقب البطنيجي: «هناك من يريد لغزة أن تسبح في بحر الفوضى والانفلات وعدم احترام النظام العام والقانون».