أن يصدر إقرار إسرائيلي بعنصرية الدولة وتطرّفها، ومقارنتها مع ألمانيا خلال الحقبة النازية من القرن الماضي، مسألة تستأهل التأمل، خصوصاً أن المقارنة صدرت عن رأس هرم المؤسسة العسكرية، وعلى لسان نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، يائير غولان.غولان، خلال ذكرى إحياء الهولوكوست، وما يصطلح على تسميته المحرقة النازية لليهود، قارن بين الوضع المتطرف والعنصري القائم حالياً في إسرائيل، وألمانيا في الحقبة النازية، في رسالة عدّت انتقاداً لاذعاً ضد المجتمع والقيادة الاسرائيليين، الأمر الذي أثار عاصفة من ردود الفعل، بين يسار مؤيد ويمين مندّد، مع إدانة واضحة ومباشرة من رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو.
وقال غولان في كلمة ألقاها لمناسبة «المحرقة النازية»، إن على «المحرقة» أن تستنهض أولئك الذي يمكنهم تحمل مسؤولية جماهيرية، إذ «لا شيء يخيفني في ذكرى المحرقة أكثر من رصد سلوكيات مروعة ومثيرة للاشمئزاز وقعت في أوروبا عموماً، وفي ألمانيا تحديداً، منذ 70 أو 80 أو 90 عاماً، ويسود شعور أن مثل هكذا سلوكيات موجودة بيننا هنا، في عام 2016».
وفي توصيف لواقع الإسرائيليين الحالي، في القرن الحادي والعشرين، أشار غولان إلى أنه «ليس هناك أسهل أو أبسط من أن نكره الغريب وأن نتسبّب بالترويع والترهيب، وأن نتصرف ببربرية وتعصب ونفاق». وأضاف «علينا في ذكرى المحرقة أن نناقش مدى قدرتنا على اجتثاث بؤر عدم التسامح والعنف والدمار الذاتي الذي يتسبب فيه التراجع الأخلاقي».
ورغم أنّ غولان كان يصف واقعاً معيوشاً لدى الإسرائيليين وبات ملحوظاً ومعبّراً عنه عملياً في شوارع المدن والمستوطنات الاسرائيلية، حتى بين اليهود أنفسهم، أثار حفيظة قادة اليمين المتطرف، المعنيين أكثر من غيرهم في إسرائيل بكلام غولان.
رئيس الحكومة، نتنياهو، أدان موقف نائب رئيس الأركان، خلال جلسة الحكومة الاسبوعية أمس، لافتاً الى أن «كلامه شائن وما كان يجب أن يقال، لأنه يتسبّب في الإجحاف بحق المجتمع الإسرائيلي وبالمحرقة». وكتب وزير التربية والمعارف، رئيس حزب البيت اليهودي، نفتالي بينيت، أن «نائب رئيس الأركان أخطأ وعليه أن يصحح خطأه فوراً، وذلك قبل أن يتحول كلامه الى شعار وقبل أن يقارن بين جنودنا والنازيين».
وتناول الإعلام العبري إقرار غولان حول وضع المجتمع الإسرائيلي ومقارنته بالنازية، بين مؤيد ومعارض، فيما ركزت معظم الكتابات المعارضة على التأثير السلبي لكلامه لدى المجتمع الدولي. وكان لافتاً أيضاً صمت وزير الأمن موشيه يعلون، من دون الإدلاء بأي تعليق، الأمر الذي اعتبر تأييداً مبطّناً.
ونتيجة للحملة المسوقة ضده، تراجع غولان لاحقاً عن أقواله، وقال إنها فهمت بشكل خاطئ، رغم أنّها كانت واضحة جداً. وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن «نائب رئيس الأركان يريد أن يوضح أنه لم تكن لديه أي نية لمقارنة سلوك الجيش الإسرائيلي وإسرائيل بما حدث في ألمانيا قبل سبعين عاماً». وأضاف «المقارنة غير معقولة أبداً ولا أساس لها، ولم تكن هناك أي نية لمقارنة كهذه أو توجيه انتقادات إلى القيادة السياسية».