أثار تسريب مضمون تقرير مراقب الدولة، حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة «الجرف الصامد»، قبل سنتين، عاصفة سياسية في إسرائيل. فقد تضمّن التقرير انتقادات واسعة لشكل إدارة العملية من قبل رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ووزير الأمن موشيه يعلون ورئيس الأركان في حينه، بني غانتس. وأكثر ما حظي بالاهتمام في الأوساط الإعلامية والسياسية، ما أشار إليه التقرير عن أن نتنياهو ويعلون لم يطلعا بقية وزراء المجلس الوزاري الأمني – السياسي (الكابينيت)، على التحذيرات من المواجهة مع «حركة المقاومة الإسلامية ـــ حماس»، ولم يجريا أكثر من نقاش واحد حول الأنفاق، وأن التقييمات التي قدمها غانتس الى المجلس الوزاري لم تتفق مع ما يحدث على الأرض، وأن أعضاء المجلس الوزاري افتقروا الى التجربة والمعرفة المطلوبتين للتعامل مع هذه القضايا، وأن تضليل المجلس الوزاري أدى الى العمل العشوائي لقوات الجيش طوال عدة أسابيع. ووصف الجهات التي اطلعت على المسودة بأن الحديث يدور عن «يوم غفران 2».في ضوء ذلك، من المتوقع أن تدور خلال الأشهر المقبلة، معركة شعبية وسياسية حول مضمون التقرير، وخصوصاً بين الذين يدعون الى نشر نتائجه كاملة، وآخرين يدعون الى إبقائه قيد السرية.
على المستوى السياسي، أعرب مكتب نتنياهو عن رفضه لمضمون التقرير، جملة وتفصيلاً، انطلاقاً من أن رئيس الحكومة تم اختياره لإدارة الدولة، بما فيها أوقات الحرب. وأضاف المكتب أنه تم خلال عملية «الجرف الصامد» عقد عشرات الجلسات للمجلس الوزاري المصغر، وهو رقم يتجاوز أي حملة أخرى في تاريخ إسرائيل.
ولمح مقرّبون من نتنياهو الى أن تسريب التقرير تم من قبل «سياسيين يفتقرون الى المسؤولية، من الأعضاء السابقين في المجلس الوزاري، والذين يزوّرون الحقيقة من أجل الاستغلال السياسي». ووجّه المقربون من يعلون الاتهام الى وزير الخارجية الأسبق أفيغدور ليبرمان، الذي كان عضواً في المجلس الوزاري خلال الحرب، مدّعين أنه من سرب التقرير. وقالوا إنه «لم يتم إخفاء أي شيء، وكل شيء كان على الطاولة. توجد هنا مؤامرة سياسية. إذا كان هناك وزير يدّعي أنه لم يتم إطلاعه على النقاش بشأن الأنفاق، فإنه كما يبدو تغيب عن النقاش، أو غادر الجلسة بعد دقائق من بدايتها».
كما عبّر غانتس عن أسفه أن مسودة تقرير المراقب «وصلت إليّ بعد 24 ساعة من وصولها الى وسائل الإعلام. لقد أدرنا الجرف الصامد بشكل مسؤول ومتوازن».
من جهته، اعتبر ليبرمان أن «نتنياهو ويعلون يتهربان من المسؤولية، ولا يستطيعان ضمان أمن إسرائيل»، فيما قال وزير الداخلية السابق جدعون ساعر، والذي كان عضواً في المجلس الوزاري المصغر خلال الحرب، إن «حرب الخمسين يوماً في صيف 2014 كانت فاشلة بالنسبة إلى إسرائيل، والطريق لإصلاح الإخفاق لا تكمن في الهجوم على المراقب». أما رئيس المعارضة يتسحاق هرتسوغ فقال: «نتنياهو زعيم شعارات. بدل الانتصار ينتقد، فلينشغلوا في الانتصار على حماس».
يشار إلى أنّ مسوّدة التقرير المصنّفة على أنّها «سريّة للغاية»، مكونة من 70 صفحة. وتمّ توزيع المسوّدة على نتنياهو وعلى جملة من الوزراء السّابقين والحاليّين، ممّن كانوا أعضاء في الكابينيت طيلة فترة العدوان “الإسرائيليّ” على غزّة، عام 2014.