القاهرة | أدى رئيس نادي القضاة في مصر، المستشار أحمد الزند، اليمين القانونية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليشغل منصب وزير العدل في حكومة إبراهيم محلب، بعد استقالة المستشار محفوظ صابر الأسبوع الماضي على خلفية تصريحات تحدث فيها عن عدم أحقية أبناء عمال النظافة في الالتحاق بالسلك القضائي.
اللافت في اختيار الزند ليس كونه محسوباً على نظام حسني مبارك الذي دعمه خلال ثورة 25 يناير فحسب، ولكن لكون الرجل أحد المعارضين لتعيين أبناء غير القضاة في السلك القضائي، فقد اعتاد وصف تعيين أبناء القضاة بـ«الزحف المقدس الذي لا يمكن إيقافه»، وهو ما يعني انتفاء الصفات التي من أجلها قُبلت استقالة الوزير السابق (صابر)، بينما يعتبر تصريحه «نحن أسياد على هذه الأرض وغيرنا عبيد» أكثر التصريحات استفزازاً.
هو من القضاة المعروف عنهم تصفية الحسابات الشخصية مع خصومهم سريعاً

الوزير الجديد من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل داخل الأوساط القضائية، ليس لتصريحاته التي تعتبر القضاة «آلهة في الأرض»، ولكن لكثرة خصوماته مع القضاة، فضلاً عن الشبهات التي تلاحق ذمته المالية وما يتردد عن تورطه في عمليات سمسرة واستيلاء على أراض في الدولة وأموال بغير حق.
خاض الزند صراعاً مبكراً مع جماعة «الإخوان المسلمين» بدأ مع الإعلان الدستوري الذي أطاح النائب العام المستشار عبد المجيد محمود من منصبه، ثم دخل في صدام حاد مع الرئاسة في تلك الفترة ودعا القضاة إلى الإضراب عن العمل لتحقيق مطالبهم، كذلك رفض خلال سيطرة الجماعة على الأغلبية البرلمانية مناقشة تعديلات قوانين السلطة القضائية خوفاً من إقرار المشروع المقترح بخفض سن التقاعد من 70 عاماً إلى 65، ما يحيله عملياً على التقاعد.
ولا يحظى الوزير الجديد بدعم من أعضاء الهيئات القضائية المختلفة سواء في المحكمة الدستورية أو قضاة مجلس الدولة بسبب تصريحاته الإعلامية المفرطة التي يرون فيها انتقاصاً من قيمة ومكانة القضاة، خاصة أن غالبية تصريحاته تسبب أزمات تستمر طويلاً.
ويرفض الزند أي حديث عن تطهير القضاء، فهو لا يعترف بأن هناك قضاة فاسدين ومرتشين، ويكتفي بالتأكيد أنهم من يطهرون أنفسهم من الفاسدين، كذلك يرفض أي إصلاحات في قوانين السلطة القضائية دون موافقة جموع القضاة وأن يكون إعدادها تحت إشرافهم، وبما يتوافق مع مصالحهم القائمة بالفعل، وهو الاتجاه الذي تعارضه نقابة المحامين، لأن التعديلات التي يطلبها القضاة تنتقص قيمة المحامي في جلسات المحكمة.
في المقابل، أعداء الزند كثر، وفي مقدمتهم رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينه، الذي دخل في صدام مع الزند خلال توليه منصب رئيس نادي القضاة بسبب رفض الأخير إشراف الجهاز على ميزانية النادي المخالفة للقانون، ما جعل الوزير الحالي يتهم جنينه بالانتماء إلى «الإخوان»، فيما تنظر المحاكم دعاوى سبّ وقذف متبادلة بين الطرفين.
الخلاف الثاني والأبرز هو مع المستشار محمود الشريف (مساعد وزير العدل لشؤون المحاكم ووكيل نادي القضاة)، بسبب ترشح الشريف في منافسة الزند على انتخابات رئاسة نادي القضاة التي أُوقفت قبل أيام قليلة من دخوله للوزارة، وخاصة أن الشريف عمل وكيلاً للمجلس برئاسة الزند دورتين متتاليتين، ما يرجح إطاحته في حركة التغييرات التي يعدها لمساعدي الوزير، والمتوقع إعلانها الأسبوع المقبل. وليس هذا صعب التوقع، خاصة أن الزند من القضاة المعروف عنهم تصفية الحسابات الشخصية مع خصومهم سريعاً، وهو ما حدث من قبل مع وزير العدل الأسبق (المستشار أحمد سليمان) عندما دعم الزند عدم عودته إلى منصة القضاء بعد خروجه من الوزارة.
في غضون ذلك، فسر قضاة مؤيدون للزند اختياره للوزارة كنوع من التكريم، خاصة مع تقاعده من منصة القضاء نهاية حزيران 2016، فضلاً عن مساندته تحركات الجيش في عزل الرئيس الإخواني من السلطة، وفتحه أبواب نادي القضاة لجمع توقيعات استمارات «تمرد» لإطاحة مرسي.
أما المعارضون، فرأوا في اختياره إعادة لرموز مبارك وترسيخاً للتمييز في مجال القضاء بين المواطنين، بالإضافة إلى رغبة الحكومة في توجيه رسالة مفادها أنها كانت تدعم تحركات الزند المناهضة للجماعة المحظورة بالتصريحات السياسية، إلى جانب تدعيم آرائه الشخصية في ما يتعلق بالسلك القضائي، رغم أن صلاحيات المنصب التنفيذي (وزير العدل) لا تسمح له بالتدخل في تعيينات رجال القضاء.