الرباط | بعد أسبوع من المراوحة وتضارب المعلومات، انتهت أخيراً فصول الغموض في ملف الطيار المغربي ياسين البحتي، الذي سقطت طائرته في محافظة صعدة أثناء مشاركتها في العدوان السعودي على اليمن، إذ أعلنت جماعة «أنصار الله»، أول من أمس، تسليمها جثة الطيار المغربي إلى «الصليب الأحمر الدولي»، بعد وساطة قادها المبعوث الدولي السابق إلى اليمن، المغربي جمال بن عمر، وساهمت فيها سلطنة عمان.
يقول مصدر من «أنصار الله» لـ«الأخبار»، إن جهود الوساطة التي قادها بن عمر أفضت إلى التوصل إلى اتفاق يقضي بتسليم أشلاء الطيار المغربي إلى بلاده، مؤكدا أن الحوثيين أرادوا بعث «رسالة أخوية» إلى الشعب المغربي مفادها بأنهم ليسوا حاقدين ولا يمثلون خطراً على أحد. وأضاف المصدر: «هذا يعكس أخلاق الشعب اليمني والمبادئ التي يؤمن بها، كما انها رسالة إلى المجتمع الدولي تقول إننا نلتزم الأعراف والقوانين في ما يخص النزاعات». وقد وصلت إلى مطار صنعاء في اليوم نفسه طائرة خاصة تابعة لـ«الصليب الأحمر»، قبل أن تسلم وزارة الداخلية اليمنية الجثة التي جرى نقلها إلى المغرب عبر جيبوتي، كما أدت عُمان دوراً مهماً في تيسير عملية التسليم، نظراً إلى احتفاظ السلطات العمانية بعلاقة جيدة مع أصحاب القرار حالياً في صنعاء، وهو ما أدى الى اتصالها باللجنة الأمنية العليا في اليمن (التابعة لـ«أنصار الله») التي سهلت نقل أشلاء الطيار من صعدة إلى صنعاء، قبل إتمام إجراءات التسليم.
وتقدمت عُمان بطلب تسليم الجثمان نيابة عن المغرب، الذي لا يزال يرفض التعامل مع أي طرف يمني سوى الرئيس الهارب إلى الرياض عبد ربه منصور هادي، الذي تعده المغرب «الرئيس الشرعي للبلاد»، وهو ما يعني أن أي تواصل مباشر مع «أنصار الله» أو حلفائهم كان سيضع المغرب المشارك في التحالف ضدهم، في موضع حرج.
يشار إلى أن المتحدث باسم العدوان، أحمد عسيري، أكد في تصريحات صحافية، أن المسؤولين العسكريين المغاربة والخبراء الذين بعثوا لتسلّم الجثمان قد تأكدوا بعد فحص الحمض النووي من أن الجثة تعود فعلاً إلى الطيار ياسين البحتي، كما قررت الحكومة السعودية اعتباره «شهيداً للواجب» وإعطاءه الحقوق المعنوية والمادية نفسها التي تحصل عليها عائلات مواطنين سعوديين في حالات مشابهة.
ويأتي تسليم الجثة لينهي مسلسلاً من الارتباك في المعطيات من الجانب المغربي وقوات التحالف التي ظلّت لمدة أسبوع تنفي وجود أي معلومات مؤكدة عن وفاة الطيار، بل رفض الجيش المغربي في أحد بياناته تصديق إعلان الحوثيين مقتله، إذ أشار إلى وجود أمل بنجاته ومحذراً من تداول صوره مخافة تعريض حياته للخطر.
وأبعد من ذلك، فقد طلبت السلطات المغربية من عائلة الطيار عدم تصديق الأخبار التي تتحدث عن وفاته، والتوقف عن الإدلاء بتصريحات للصحافة، منتقدةً تغطية وسائل الإعلام المغربية لهذا الموضوع، ولكن البيان الأخير للجيش المغربي، لمح إلى احتمال وفاته قبل أن ينفي بيان عسيري هذا الأمر، ما كشف تخبطاً وغياباً في التنسيق بين الطرفين؛ فبرغم إشارة عسيري في تصريحه أول من أمس، إلى أن جهوداً سعودية ومغربية أسهمت في تسلم الجثة، كان واضحاً أن المساهمة السعودية في الكشف عن مصير الطيار كانت محدودة جداً، كما ان المعلومات لا تزال متضاربة حول سبب السقوط الرئيسي للطائرة.
وفي هذا الإطار، نفى التحالف فرضية إسقاطها، مرجحاً احتمال الخطأ التقني أو البشري، كما لم يصدر عن الجانب العسكري المغربي أي توضيح حول الأسباب. وكانت المقاتلة المغربية قد فقدت في العاشر من الشهر الجاري، عندما كانت تشارك في الضربات الجوية ضد صعدة، وهي ضمن سرب من ست طائرات من نوع «إف 16» مرابضة في الإمارات يشارك بواسطتها المغرب في هذا التحالف بناء على طلب السعودية، وبموجب الاتفاقات العسكرية التي تربط الرباط بدول الخليج.