القاهرة | يدرك عبد الفتاح السيسي أن كثرة الغاضبين منه قد تحوله إلى «مرسي جديد» يثور الشعب عليه، في ظل تراجع نسب «التأييد المطلق» التي كان يحظى بها عند انتخابه قبل عام تقريباً، رئيساً للجمهورية بأغلبية ساحقة. لذلك، حصّن السيسي قصره باللواءات. فبخلاف وجود العقيد أحمد محمد علي (المتحدث السابق باسم الجيش) واللواء عباس حلمي (مدير مكتب السيسي في المخابرات الحربية وأصبح الآن مديراً لمكتب الرئيس)، اختار السيسي رسمياً اللواء أركان حرب مصطفى شريف لتولي منصب رئيس ديوان رئيس الجمهورية ضمن خطة تأمين القصر الجمهوري برجال الجيش الذين يثق بولائهم.
التحصين امتد كذلك إلى زيادة الاعتماد على رجال الجيش والحرس الجمهوري في تنسيق تحركات الرئيس الداخلية والخارجية، الأمر الذي عكس اهتماماً متزايداً بالأمن يوليه السيسي في المدة الأخيرة كثيراً، على عكس المرحلة الماضية التي لم يبد فيها تركيزاً على الجانب الأمني بهذه الصورة. ويبدو أن الرجل أدرك متأخراً حالة الغضب التي أصبحت تحيط به، ليس في الشارع فحسب، ولكن في الإعلام الذي بدأ يهاجمه بصورة تصاعدية في الشهور الأخيرة، ما دفع اللواء عباس حلمي إلى تكليف العقيد أحمد شعبان (مدير مكتب حلمي) بكتابة مقالة في صحيفة «اليوم السابع» بعنوان «ابن الدولة».
يدافع «ابن الدولة» عن الرئيس وقراراته كلها، فيؤيده بالمطلق ويعتذر عن الأخطاء التي يرتكبها المسؤولون، كذلك لا يجد غضاضة في انتقاد الحكومة وسلبياتها، فيما تكون كتاباته مرتبطة دائماً بالقضايا الحيوية التي تشغل مواقع التواصل الاجتماعي، ويمكن أيضاً النظر في مقالاته إلى أنها التعبير الرسمي عن وجهة نظر الدولة.
من ناحية أخرى، يحاول السيسي احتواء غضب وسائل الإعلام المختلفة مع اقتراب ذكرى تنصيبه في الرئاسة، إذ يُتوقع أن تكون الذكرى «موسم انتقادات بالجملة»، خاصة مع إخفاق الرئيس في تحقيق أي إنجازات حقيقية تمس حياة المواطنين، باستثناء حفر مشروع قناة السويس الجديدة.
في هذا الصدد، اصطحب السيسي عدداً من الإعلاميين الغاضبين منه في جولة الجمعة الماضي التي شملت المشروعات التي يجري تنفيذها، ومن بينها القناة الجديدة، وجلس ليتحدث معهم لنحو 30 دقيقة، كذلك استمع إلى «العقبات التي تواجههم في التواصل مع الرئاسة»، وشرح لهم العقبات التي تواجه الدولة في القضاء على الفساد.
بذلك، حاول «الجنرال» إعادة الإعلام إلى تأييده مرة أخرى وإصلاح ما أفسده مساعدوه خلال الشهور القليلة الماضية، وهو ما يبدو أنه نجح في احتوائه مؤقتاً. ومن هنا، فإنه وجّه للإعلاميين رسالة مفاداها ضرورة أن يشعر المواطن بالتحسن، تجنباً لتصاعد الغضب ضد الرئيس، وهي التصريحات التي جعلت مساعدي الرئيس يشعرون بالحرج في ظل حرص السيسي على الاستماع إلى كل ما قيل، بل لوقت أطول ممّا كان مخصّصاً قبل بدء الجولة.