ريف دمشق | تفرض نتائج معركة القلمون على «جيش الإسلام» التأقلم مع الواقع الميداني الجديد، ورصد المتغيرات التي قد يتأثر بها مقاتلو التنظيم المرابطون في دوما، حيث لا تقتصر نتائج تلك المعركة على إغلاق طريق القلمون بوجه قواته، بل تهدده باحتمال توسيع رقعتها جنوباً لتطال بلدة دوما، انطلاقاً من جبهتها الشمالية عند مرتفعات تل كردي ومخيم الوافدين.
على هذا الأساس، يفرض إغلاق طرق الإمداد الثانوية التي كانت تصل إلى التنظيم من القلمون، وتصاعد سيناريو تعرضه لهجومٍ شمالي، أن يلجأ مقاتلوه إلى تأمين طرق الإمداد الرئيسية التي تربط الغوطة الشرقية بالبادية، ومنها نحو الأراضي الأردنية. أما عقدة الربط التي ينبغي للتنظيم أن يوليها اهتماماً خاصاً، فهي تأمين الالتفاف حول مطار دمشق الدولي والسيطرة المطلقة على بلدة حران العواميد، للانفتاح على البادية السورية، بحسب مصادر عسكرية معارضة.
بناءً على هذه التقديرات، وقبيل انتهاء معارك القلمون، كثَّف «جيش الإسلام» خلال الأسبوع الماضي من محاولاته العسكرية على ثلاث جبهات؛ في الأولى، يجهد لتحصين ما تبقى من دفاعاته العسكرية في تل كردي ومخيم الوافدين، محاولاً استعادة ما يمكن من النقاط التي خسرها منذ بداية المواجهات فيها، حيث سيضمن ذلك «صموداً» أطول لدوما فيما لو جرى توسيع المعركة باتجاهها. أما الثانية، فيحاول فيها التنظيم فرض سيطرته على بلدة حوش فارة (جنوب شرق دوما)، لما تشكِّله من نقطة وصل بين دوما وبلدة النشابية التي تصل بدورها حوش فارة ببلدة دير سلمان (5 كيلومتر عن حران العواميد)، فيما تتمثل الجبهة الثالثة في القتال الدائر حالياً في دير سلمان لتأمين الطريق كاملاً من دوما باتجاه حران العواميد التي تشكِّل نقطة الاتصال الأهم مع البادية.
أما ميدانياً، فيبدو الاستحقاق الذي يخوضه علوش أكثر صعوبةً مما هو متوقع. فلم يمض قتال التنظيم على جبهة تل كردي بالسرعة المتوقعة، حيث لا تزال إنجازاته تقاس بالأمتار وتجري في مناطق مكشوفة وهامشية من التل، فيما يخسر «جيش الإسلام» عدداً من عناصره كل يوم جراء الاستهدافات المدفعية والجوية التي تنفذها وحدات الجيش في المنطقة. أما محاولة الاقتحام التي أجراها التنظيم في حوش فارة فقد دخلت استعصاءً طويلاً بعد ثبات خطوط التماس والمواجهات فيها حول «فوج الكيماوي» في البلدة، دون القدرة على اقتحامها، فيما تمنع الضربات المدفعية والجوية التي ينفذها الجيش، فضلاً عن الاشتباكات المباشرة، عناصر التنظيم من تثبيت نقاطٍ دائمة لهم على محور دير سلمان في منطقة المرج.
في موازاة ذلك، تشير مصادر محلية في بلدة دوما إلى ارتفاع الحنق بين أهالي البلدة، جراء تصاعد الممارسات السلبية لعناصر «جيش الإسلام» بحقهم. «قضيتان من شأنهما أن تقلقا راحة زهران علوش خلال الأيام المقبلة؛ الأولى هي سعي أهالي دوما للتواصل مع العاصمة دمشق، وخصوصاً قضية الطلاب الذين يجب عليهم أن يخرجوا من المدينة لتقديم امتحاناتهم السنوية، وهذا ما يرفضه جيش الإسلام بشكلٍ مطلق. أما الثانية فهي قضية الأراضي التي يقاتل فيها التنظيم في محيط دوما، وبات يطالب بها أصحابها لزراعتها والعيش منها، كأرض الأبرشية والخضيرة وكسار العدس والطهور»، تقول المصادر ذاتها في حديثٍ مع «الأخبار».