أطلق مدير متاحف سوريا، مأمون عبد الكريم، نداءات إلى المجتمع الدولي عبر وكالات الأنباء، لإنقاذ آثار مدينة تدمر من الدمار المتوقع على أيدي مسلحي داعش، الذين سيطروا، أول من أمس، على الحارة الشمالية من المدينة. غير أن الجيش السوري بدا أقرب من المجتمع الدولي إلى إنقاذ المدينة الأثرية، إذ وصلت تعزيزات عسكرية أمس لإسناد القوات المقاتلة المدافعة عن المدينة وقلعتها الأثرية. عملية التفاف قامت بها وحدات من الجيش، أدت إلى الضغط على مسلحي داعش في مساكن الضباط، قرب العامرية، شمال المدينة.
المسلحون سارعوا إلى الانسحاب من المساكن المذكورة، بعد هجوم الجيش. غير أن انسحابهم كشف الستار عن مجزرة مروعة ذهب ضحيتها 26 شخصاً من المدنيين، بينهم نساء وأطفال من سكان مساكن الضباط. وبحسب مواقع معارضة، فقد ذبح مسلحو «داعش» 10 من ضحاياهم. ويتواجه مقاتلو الجيش ومسلحو «داعش» على برج القلعة، أعلى التلال الحاكمة للمدينة، إذ اندلعت اشتباكات عنيفة وجهاً لوجه، بعد وصول مسلحي التنظيم المتشدد إلى برج القلعة، الواقع إلى الجنوب من قلعة تدمر الشهيرة، حسب مصادر ميدانية. المصادر أكدت أن برج القلعة يوازي في ارتفاعه القلعة التي يتمركز فيها عناصر الجيش السوري، إذ يقعان ضمن مرتفع واحد. وبوصولهم إلى تلة البرج يشرف المسلحون على مدخل تدمر الجنوبي الغربي، ما يجعله معرضاً لأعمال القنص، حسب المصادر. وتضيف المصادر ذاتها أن «وصول تعزيزات الجيش إلى المنطقة أوقف تقدم المسلحين المتسارع، وبدأت وحدات الجيش بالتحرك قرب العامرية، وطردت المسلحين من بعض النقاط التي سيطروا عليها أول من أمس». وكشف وصول التعزيزات عن وجود قوة من جنود الجيش محاصرين داخل محطة النفط الثالثة «تي 3» (نحو 40 كلم شمال تدمر). وركّز الجيش عمله لفك الحصار عن الجنود، في حين نفذ سلاح الجو غارات عدة استهدفت إحداها رتل آليات لمسلحي «داعش» على محور السخنة ــ حليحلة، في ريف تدمر.

معارك عنيفة
في جبل الأربعين والجيش يتقدّم في محيط جسر الشغور


ويبعد مسلحو داعش عن المدينة الأثرية مسافة 2 كلم إلى الشمال، ما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الرسمية السورية والأمم المتحدة حول مصير المدينة التي تبعد عن حمص 150 كلم شرقاً. وذكر المدير العام للآثار والمتاحف في سوريا، في تصريح صحافي، أن دخول تنظيم داعش إلى تدمر يعني دمارها، مضيفاً أن «سقوط تدمر سيحدث كارثة دولية». وتابع قوله: «إن دخول داعش إلى تدمر سيكون تكراراً للبربرية والوحشية التي حصلت في نمرود والحضر والموصل العراقية». يشار إلى أن آثار تدمر تعتبر من المواقع السورية الستة المدرجة على لائحة التراث العالمي لعام 2006، ومن بينها: قلعة الحصن في حمص، والمدينة القديمة في دمشق وحلب، والمدن المنسية في ريف إدلب.

إدلب: هجوم فاشل على «أبو الظهور»

في ريف إدلب الجنوبي، وتحديداً في جبل الأربعين الملاصق لمدينة أريحا، يستمر الجيش السوري في هجومه المضاد الهادف إلى استعادة نقطة مطعم الفنار الاستراتيجية التي سيطر عليها مسلحو تنظيم القاعدة مساء أول أمس الأربعاء. وتزامنت معارك جبل الأربعين مع تقدم للجيش السوري في بلدة الكفير، جنوبي مدينة جسر الشغور، بعد اقتحامه الحي الجنوبي للبلدة.
واستقدم الجيش تعزيزات إلى أريحا لمساندة القوات المقاتلة على جبهة الأربعين. وقال مصدر ميداني لـ»الأخبار» إن المواجهات في محيط نقطة الفنار عنيفة، إذ يحاول المسلحون منع الجيش من استعادتها. واستمرت المعارك طوال يوم أمس، وعاش أجواءها أهالي مدينة أريحا الذين اتخذوا من منازلهم ملاذاً آمناً من الرصاص القادم من معارك الجبل. ووصف أحد أهالي مدينة أريحا لـ»الأخبار» أجواء المعركة بالمرعبة، حيث بات الأهالي خائفين من مصير مشابه لمصير أهالي مدينتي إدلب وجسر الشغور.
وأكد مصدر عسكري للأخبار أن الجيش يعمل على استعادة نقطة مطعم الفنار في جبل الأربعين لإبعاد الخطر عن مدينة أريحا، لكونها مهمة وتحمي خاصرة المدينة، «ولن يسمح بتكرار سيناريو مدينتي إدلب وجسر الشغور فيها». وأضاف أن الجيش الآن في وضع المهاجم وليس المدافع، لافتاً إلى أن المسلحين فتحوا جبهة جبل الأربعين للتخفيف من الضغط الذي يتعرضون له على جبهة جسر الشغور حيث يتقدم الجيش السوري.
وفي محيط جسر الشغور (جنوب غرب إدلب)، شهد المحور الشرقي تقدماً للجيش السوري على جبهة بلدة الكفير، حيث تمكن من اقتحام الحي الجنوبي فيها بالتزامن مع هجوم لمسلحي القاعدة على مستشفى جسر الشغور عبر تفجير عربة بي أم بي مفخخة استهدفت المستشفى، ما أدى إلى أضرار مادية وإصابة عدد من عناصر حامية المستشفى المحاصرين.
وقال مصدر ميداني لـ»الأخبار» إن عناصر المستشفى المحاصرين تصدّوا للهجوم العنيف بمساندة سلاح المدفعية الذي استهدف عدة تجمعات لمسلحي «القاعدة» في محيط المبنى، ما أدى إلى سقوط قتلى. وفي ريف إدلب الشرقي، شنّ تنظيم «القاعدة» هجوماً على مطار أبو الظهور الحربي المحاصر من محور بلدة تل سلمو شرق المطار، في محاولة للتقدم نحو بوابته الرئيسية. وقال مصدر عسكري من داخل المطار لـ»الأخبار» إن قوات حماية سور المطار تمكنت من إفشال الهجوم دون أيّ خسائر في صفوفها، فيما سقط في صفوف المسلحين أكثر من 15 قتيلاً، وأجبِروا على الانسحاب.