افتتح الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لقاءاته مع القادة الخليجيين، باجتماع عقده في البيت الأبيض، أمس، مع "وليَّي" العهد السعودي، محمد بن نايف ومحمد بن سلمان، في وقت من المرتقب أن تبدأ فيه قمة كامب ديفيد اليوم، بحضور أميري قطر تميم بن حمد، والكويت صباح الأحمد الصباح، وغياب الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وملك البحرين حمد بن عيسى، الذي يبدو أنه سينضم بدلاً من ذلك إلى ملكة بريطانيا، اليزابيث، لحضور مهرجان للخيول.
وفي بداية الاجتماع مع بن نايف وبن سلمان، قال الرئيس الأميركي: "ترتبط الولايات المتحدة والسعودية بأواصر صداقة وعلاقات يرجع تاريخها إلى (الرئيس) فرانكلين روزفلت"، مضيفاً: "ونحن مستمرون في بناء تلك الروابط في هذا الوقت العصيب للغاية". وقال أوباما إنهم سيناقشون سبل البناء على هدنة في اليمن والعمل من أجل "حكومة شرعية تمثل كل الأطياف" هناك.
اوباما للمحمدين: نرتبط
بأواصر صداقة قديمة ومستمرون في بنائها

وأشاد الرئيس الأميركي بالرياض، باعتبارها حليفاً حيوياً للولايات المتحدة في الحرب المزعومة ضد تنظيم "داعش". وأشاد، كذلك، بالرجلين وبعمله معهما، في جهد واضح للتهوين من أثر غياب الملك سلمان الذي قرر قبل أيام عدم حضور القمة. وذكرت وكالة الأنباء السعودية أنّ الرئيس الأميركي، نوّه خلال اللقاء، "بمتانة العلاقات الاستراتيجية والتاريخية بين البلدين الصديقين وحرصهما على بذل المزيد من العمل من أجل تكريسها وتعزيزها على مختلف الصعد"، مشيراً إلى "التعاون الثنائي القائم... من أجل العمل سوياً لمكافحة الإرهاب، مثمناً في هذا الصدد الجهود الكبيرة التي يبذلها سمو ولي العهد".
وفي ظل غياب سلمان، اعتبر بروس ريدل، وهو مستشار الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون حول الشرق الأوسط، أنه يشكل "رسالة واضحة ومتعمدة" من السعودية إلى الإدارة الأميركية، ويحمل على عدم توقع أي تقدم كبير.
وأوضح ريدل لوكالة "فرانس برس" أن "السعوديين لم يكونوا متحمسين (لهذه القمة) منذ البداية".
من جهته، رأى السناتور الجمهوري، جون ماكين، أن غياب الملك السعودي "مؤشر على غياب الثقة" لدى السعودية ودول أخرى من الخليج.
وتبدأ القمة الأميركية ــ الخليجية في كامب ديفيد، اليوم، بعد عشاء أقامه أوباما في البيت الأبيض مساء أمس، وتنطلق تحت سقف الحديث عن اقتراب التفاهم الدولي مع طهران حول مشروعها النووي و"الحرب على الإرهاب".
وعن العلاقات مع إيران، اختصر الباحث في "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية"، جون الترمان، الواقع بالقول إن "الولايات المتحدة تركز على التهديد النووي الذي تمثله ايران". واضاف: "لكن من وجهة نظر دول الخليج، البرنامج النووي هو واحد فقط من الاوجه المتعددة للتهديد الايراني".
وبخلاف كل ما يذكر عن تباين المقاربات بين دول مجلس التعاون الخليجي وبين الإدارة الأميركية حول قضايا الشرق الأوسط، وأهمها ملف المفاوضات مع إيران، وبعيداً عن طرق إظهار التململ الخليجي من سياسات أوباما، فإنّ مرحلة ديبلوماسية جديدة دخلتها العواصم الخليجية إثر انعقاد قمة كهذه. وبانتظار ما ستنتجه اللقاءات، لا يختلف كثيرون في التشديد على أنّ أسس العلاقات الأميركية ــ الخليجية المحددة في ما بعد حرب الخليج الثانية بدأت تشهد تبدلات، قد تحدد أطرها العامة مجريات القمة الحالية.
ويبدو أنه ضمن هذا الإطار، يمكن فهم حديث وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، حين قال، أمس، إنّ "تحديد... ترتيب أمني أوضح بين دول مجلس التعاون الخليجي والدول الصديقة الأخرى والولايات المتحدة سيكون حاسماً للمساعدة في صد الإرهاب والعنف وبعض الممارسات الأخرى التي تحدث في هذه المنطقة وتثير القلاقل في كل هذه الدول".
ويأتي حديث كيري في وقت يشير فيه مسؤولون خليجيون ــ خلال فترة التحضيرات للقمة ــ إلى رغبتهم في الحصول على ضمانات أمنية قوية جديدة، برغم أنّ مسؤولين أميركيين يقولون إنه لن توقَّع أي معاهدات دفاعية بل يشككون حتى في إمكانية تقديم أي تعهدات مكتوبة من أي نوع.
عموماً، من المتوقع أن يدفع الرئيس الأميركي، خلال "كامب ديفيد"، باتجاه مساعدة حلفاء واشنطن في الخليج على تأسيس نظام دفاعي إقليمي للحماية من الصواريخ الإيرانية أملاً في تهدئة مخاوفهم بشأن أي اتفاق نووي مع طهران. ومن المحتمل أيضاً أن تعقب القمة زيارة لفريق خبراء أميركيين في صفقات الأسلحة للمنطقة.
وكان وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، قد قال في بداية الأسبوع الحالي إنه يتوقع مناقشات رسمية أعمق بشأن تسريع وتيرة العمل على نظام دفاع صاروخي متكامل والتعجيل بنقل الأسلحة إلى أعضاء مجلس التعاون الخليجي. وذكر أن دول المجلس حصلت بالفعل على أسلحة أميركية متقدمة كثيرة، لكن نقل الأسلحة يمكن أن يصبح أسهل من طريق رفع وضع الدول الخليجية إلى "حلفاء كبار من خارج حلف شمال الأطلسي" أو إجراءات أخرى من بينها الاتفاقيات التنفيذية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)