بغداد | بعد نحو شهر من اليوم سيحتفل «الحشد الشعبي» بمرور عام كامل على تأسيسه عقب ما سمي «نكسة حزيران» بعد اجتياح «داعش» لمدينة الموصل وسيطرته عليها بالكامل خلال ساعات، فضلاً عن عدة مدن شمالية مهمة كتكريت وأجزاء من كركوك. استطاع «الحشد» خلال تلك المدة ان يقدم نفسه كقوة، عقائدية أيضاً، وعملت الحكومة عبر سلسلة قرارات واجراءات على مأسستها وتفويجها ضمن اطار القوات المسلحة العراقية.
«نظرية المؤامرة» بدأت بالتسلل سريعاً الى فصائل وقيادات في «الحشد الشعبي»، أحدثت في ما بينهم خلافات وصراعات كبيرة، وإن لم تطف بوضوح إلى السطح (بالرغم من أنها اصبحت واضحة للجميع)، وذلك حرصاً على وحدة الموقف والصف ازاء العدو المشترك. بداية المواجهات كانت باتهامات وادعاءات «الحشد» بقيام طائرات التحالف الدولي بإلقاء اسلحة لـ»داعش» في المناطق التي يسيطر عليها، الأمر الذي تصرّ الحكومة على نفيه ورفضه، معتبرة إياه ادعاءات لا ترقى الى معلومة حتى يمكن التحقيق فيها أصلاً.
ضغوط إيرانية
على فصيلين والحكومة للتفاهم على ملفات عالقة

تلك الأحداث كانت فاتحة لمزيد من الخلافات تطورت لاحقاً الى صراعات غير مباشرة بين الطرفين، وصلت إلى حد التهديد باستخدام القوة ونزع الشرعية عن الحكومة الناشئة، ما دفع الى تدخل إيراني رفيع المستوى عبر قائد «فيلق القدس»، قاسم سليماني، الذي مارس ضغوطاً على الطرفين للقبول ببعض «التنازلات»، ما أنتج مصالحة «قسرية» وعلى مضض بين الجانبين.
مصدر على صلة بإحدى فصائل «الحشد» التي تحسب على الجناح المتشدد كشف لـ»الأخبار» عن ضغوط مارستها إيران على فصيلين في «الحشد الشعبي» (رفض الكشف عن اسمهما) من جهة وحكومة العبادي من جهة اخرى للقبول بـ»مصالحة مؤقتة والتفاهم مبدئياً على الملفات العالقة، فحصل تفاهم حول ابرز الملفات الخلافية مع وجود عدم ثقة بين الطرفين: العبادي والفصائل». وأكد أن «الحاج (قاسم سليماني) لعب دور الوساطة بعد تكليفه الأمر».
المصدر بيّن أن أبرز الملفات الخلافية بين «الحشد» والعبادي تتمثل بالحضور في ساحات المعركة من دون غطاء أميركي والانسحابات المفاجئة من قبل بعض الفصائل دون علم القيادات العسكرية، بالإضافة الى الضغط الأميركي لإبعاد قسم من الفصائل من «الحشد الشعبي»، خاصة تلك التي قاتلت الأميركيين والبريطانيين إبان فترة الاحتلال، فضلاً عن قضايا اخرى تتعلق بالتمويل والتسليح.
ولفت المصدر إلى انه ليست جميع الفصائل على خلاف مع العبادي، «وهو ما ادى الى حدوث خلافات بين الفصائل المؤيدة للحكومة والمعارضة لها».
وكان زعيم «التيار الصدري»، السيد مقتدى الصدر، قد كشف، أول من أمس، عن خلافات داخلية «تعصف» بـ»الحشد الشعبي»، داعياً الى وجوب العمل على «تقويته (الحشد) وإنهاء تلك الخلافات اضافة الى العمل من اجل تقريبه الى الحكومة العراقية بعدما حدثت بعض الخلافات مع بعض فصائله»، وذلك في موقف لافت من الصدر الذي كان يهاجم بعض فصائل «الحشد» في بياناته الاخيرة ويصفهم بـ»المليشيات الوقحة»، فيما وصفهم هذه المرة بـ»التشكيلات الجهادية».
مصدر رفيع في رئاسة الوزراء ومقرب من حيدر العبادي علّق على بيان الصدر بالقول إن «المشكلة ليست مع رئيس الوزراء، ولكن مع الرافضين لدخول الحشد». وبشأن وجود لقاءات واجتماعات بين العبادي لحلحلة الخلافات والاشكالات التي نشبت أخيراً والتدخل الإيراني، اكتفى خلال حديثه لـ»الأخبار» بالقول إنّ «الاجتماعات مستمرة بين رئيس مجلس الوزراء والحشد».
في موازاة ذلك، رأى الإعلامي المتخصص بشؤون «فصائل المقاومة الإسلامية»، عزيز الربيعي، أن العبادي لديه خطوات «متعثرة» في الملف الأمني بسبب محاولته إرضاء الإدارة الأميركية التي حاولت كثيراً إفشال مخططات «الحشد الشعبي» و»فصائل المقاومة الإسلامية» في القضاء على تنظيم «داعش».
وكشف الربيعي في حديث لـ»الأخبار» عن قيام الطيران الأميركي والتحالف بإيجاد ممرات آمنة لعناصر «داعش» للنفاذ من الضربات الصاروخية لبعض فصائل «الحشد» في المناطق التي تشهد معارك مع التنظيم، فضلاً عن محاولات واشنطن المتكررة لمنع دخول «الحشد» الأنبار ودعمها جهات سياسية مشبوهة تحاول توفير «الغطاء الشرعي لداعش».
ميدانياً، خيّم، أمس، هدوء حذر على مدينة الرمادي، مركز محافظ الأنبار، وسط مخاوف من أن يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة. المسؤول الإداري للرمادي، خلف الكبيسي، قال إن «هدوءاً حذراً يخيم على مدينة الرمادي، وإن هذا الهدوء قد تسبقه هجمات ارهابية لعناصر تنظيم داعش على محاور مختلفة من المدينة». وأضاف الكبيسي في حديث لـ»الأخبار» أن «القوات الأمنية قامت بوضع كتل خرسانية على مواقع أمنية حساسة في المدينة، وذلك تحسباً لأي طارئ».