حمص | تسارع نبض الحمصيين، ملتفتين نحو مصدر الصوت الهائل الذي هزّ المدينة. ولتبدأ، يانا ليلا، ابنة الثلاثين عاماً، اتصالاتها، بهدف الاطمئنان على الناس في موقع التفجير الإرهابي. التفجيرات عادت بهيئة مختلفة، هذه المرة. دراجة نارية مفخخة انفجرت في وجه مدنيي المدينة الحزينة، فقلبت يومهم قهراً. "دراجة نارية...
ربما الخسائر أقل من انفجار سيارة مفخخة"، هكذا قالت يانا في نفسها، أسوة ببقية الحمصيين. لم يسعف الخيال الفتاة الناشطة في المجال الإنساني والخدمي، بحكم عملها، أن الانفجار الأخير، في شارع الأهرام القريب من منزلها، سيغيّر حياة العائلة كلها، عندما يخطف رب الأسرة، هاشم ليلا، الذي يكاد يدخل السبعين من عمره في هدوء وصحة جيدة. ولم تتوقع أن عملها في خدمة عائلات الشهداء والمصابين، وفخر والدها الدائم بنجاحها، لن يمنع أن تتحول، بدورها، إلى ابنة شهيد، كانت قبل يوم واحد تستعد لزفافها، لتطمئن قلب الأب الطيب وتسمع دعواته. لا ينتظر الموت إتمام الناس أفراحهم، إذ يهجم على حين غرّة، ويخطف الآمال بغد أفضل. وليس في حمص ما يستثني الآباء الطيبين، أو الأطفال الأبرياء، أو الفتيات العاشقات، من الموت الوحشي الذي يضرب المدينة في كل وقت، طوال سنوات الحرب الأربع.
شهيد، وعدة جرحى، حصيلة الانفجار الأولية، الذي ضرب شارع الأهرام. تصل إلى أسماع سكان الحي أخبار تفجير دراجة نارية أُخرى في حي الزهراء، شرقي المدينة، ما أدى إلى حصيلة خسائر بشرية مشابهة للأولى.

محافظ حمص: التفجيران لم يهدفا إلى التأثير في
تسوية الوعر
الحمصيون هرعوا إلى استفقاد بعضهم بعضا، محاولين التفاؤل بخسائر أقل من التفجيرات السابقة. المستشفيات غصّت بزوارها الملتاعين، لتصل الحصيلة النهائية للخسائر البشرية، جراء التفجيرين الإرهابيين، إلى 4 شهداء و28 جريحاً، فتنام المدينة على الهم والحزن، وعبارات التذمر لا تنتهي: "ألن ينتهي قدَر الموت اليومي في حمص؟".
يربط المواطنون التفجيرين بمشروع التسوية في حي الوعر (غربي مدينة حمص) الذي كان يطبخ بهدوء بين ممثلين عن الدولة السورية ووجهاء من الحي المشتعل. التفجيرات الإرهابية والصواريخ على موعد مع المدينة قبل كل تسوية سياسية تشهدها أحياؤها، وهذا ما عهدته خلال مراحل تسوية حمص القديمة. معارضو تسوية الوعر كثر، أبرزهم أكثر الفصائل المقاتلة في الحي تشدداً، إذ يبذلون كل جهد لعرقلة التوصل إلى اتفاق. محافظ حمص طلال البرازي أكد في حديث لـ"الأخبار" أن التفجيرين "لم يهدفا إلى التأثير على تسوية الوعر، ولا سيما بعد إعلان داعش مسؤوليتها عنهما". وتابع قوله: "التفجيران الإرهابيان كانا رداً وحشياً على احتفالية الساعة، التي جرت منذ يومين". ويشير إلى أن "المفخخات لا تؤثر على نزعة الحمصيين نحو التسوية والسلام، وهو ما أثبتته الأشهر الفائتة"، لافتاً إلى "وصول المسلحين إلى مرحلة من العجز عن تفخيخ السيارات، ما اضطرهم إلى تفخيخ دراجات نارية، باعتبار حركتها أسهل وتفتيشها أقل دقة". وأصدر البرازي أمس "قراراً بمنع مرور الدراجات النارية ضمن المدينة، وتوقيفها تحت طائلة الحجز".