روّجت وسائل إعلام السلطة الفلسطينية، طوال يومين، لإطلالة رئيس السلطة، محمود عباس، الإعلامية. قالت وكالة «وفا» الرسمية إن «فخامة الرئيس» سيلقي خطاباً مهماً للشعب الفلسطيني من بيت لحم، جنوبي الضفة المحتلة. انتظر الجميع خطاب «أبو مازن»، هل سيعلن حلّ السلطة محمّلاً بذلك إسرائيل مسؤولية حصارها الاقتصادي؟ هل سيعلن رفضه العودة إلى المفاوضات مع العدو بسبب استمرار سياسة القتل والاستيطان؟ هل سيطلب من أجهزته الامنية حماية أبناء الضفة من قمع الإسرائيليين؟
لم يذكر عباس، في خطابه، أي شيء من ذلك، وخطابه لم يكن مهماً أبداً، كذلك لم يتطرق إلى أي جديد. فقد أعاد تكرار ما كان يقوله في خطبه «المهمة» السابقة. أكد حرصه على السلام مع الإسرائيليين، حتى لو لم يرد بنيامين نتنياهو ذلك. وقال أيضاً إن السلطة لن تُحلّ، بل سترتقي وتتحول إلى دولة.
ظهور الرئيس والترويج لإطلالته لم يكن هدفهما الترويج للخطاب، بل كان رداً على حملة الشائعات التي قالت إنه أصيب بجلطة دماغية ونقل إلى مستشفى الحسين في الأردن. هكذا، ظهر «فخامته» معافى ولا يعاني مما روّج له خصومه، أنصار القيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان، عبر صفحاتهم على «فايسبوك». لكن المؤكد أن كبر السن والضعف ظهرا جلياً عليه، إذ احتاج خلال قداس منتصف الليل الميلادي للطوائف الشرقية إلى من يساعده على القيام عن الكرسي. هذا المشهد الذي التقطته كاميرا تلفزيون فلسطين، سرعان ما جرى تبديله بمجرد إمساك مرافق عباس يده ليقوم.
خلال كلمته في بيت لحم، دعا إلى «عقد مؤتمر دولي أو لجنة موسعة، لدرس إمكانية حل القضية الفلسطينية وإقامة الدولة، أسوة باللجان الدولية التي تشكلت لحل مشكلات إقليمية ودولية». وقال «أبو مازن» إن «القضية الفلسطينية هي أقدم القضايا في المنطقة، لماذا لا تُحل؟ لماذا لم تشكل لجنة لحل القضية الفلسطينية وإقامة الدولة المستقلة؟ فلقد تشكلت لجنة من أجل إيران وأخرى لسوريا وليبيا». وردّ على ما قاله نتنياهو عن احتمال انهيار السلطة بأن «السلطة باقية ولن تنهار». وتابع: «كثيراً ترددت الأقوال في الأيام الأخيرة حول حل السلطة وتدميرها. السلطة هي إنجاز لن نتخلى عنه، لا يحلموا بانهيارها. قد نُحاصر أو نمنع لكننا باقون». وأضاف: «نقول إن ما بعد السلطة هو قيام الدولة الفلسطينية المستقلة».
أما عن قرار «المجلس المركزي لمنظمة التحرير»، لجهة تحديد العلاقة مع إسرائيل، فقال: «قرار المجلس المركزي مقدس، لا نقاش فيه، واللجنة التنفيذية والمركزية في هذه الأيام تتابع إنهاء ما هو مطلوب منها؛ الأسبوع المقبل سيعقد اجتماع للجنتين التنفيذية والمركزية ولقيادات أجهزة الأمن والمحافظين لنقدم الخلاصة، وعلى ضوء ما سيقدمونه سنكون ملتزمين التزاماً كاملاً».
وعن المصالحة الفلسطينية قال: «نحن ماضون فيها. قدمت الفصائل الفلسطينية مبادرة لفتح معبر رفح الواصل بين قطاع غزة ومصر. وافقنا رغم أن لنا ملاحظات عليه. حماس تقول إنها تدرس المقترح حتى الآن، لكن إلى متى تدرسون (حماس)... يوم أو يومين أو شهر؟». ولفت إلى أنه «منذ 8 سنوات ونحن نقول نريد حلاً، لا يمكننا التخلي عن شعبنا في قطاع غزة. قلنا لهم نشكل حكومة وحدة وطنية، تفضي إلى انتخابات، يدرسون ويدرسون. أول من أمس وصلني ردّ أنهم (حماس) لا يريدون انتخابات».
في المقابل، ردّت حركة «حماس» بأنها جاهزة لإجراء الانتخابات وتسليم معبر رفح البري، على الحدود بين قطاع غزة ومصر، لحكومة التوافق الحالية. وقال المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري، في تصريح إلى وكالة «الأناضول» التركية، إن «ادّعاء عباس غير صحيح. نحن جاهزون لإجراء انتخابات بكل أشكالها، وفق ما نص عليه اتفاق المصالحة الفلسطينية بالقاهرة». كذلك دعا أبو زهري «حكومة التوافق الوطني إلى تسلم معبر رفح، وتحمّل كامل مسؤوليتها في قطاع غزة، دون تمييز».
من جهة أخرى، قال نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، أمس، إن حركته تبني قوتها التي «ستفاجئ العالم، من أجل تحرير القدس وفلسطين»، مشدداً في الوقت نفسه على أن «حماس» لن تسمح «بإخماد الانتفاضة ضد الاحتلال الإسرائيلي». وقال هنية، خلال حفل نظمته الحركة في مدينة خانيونس جنوبي القطاع، لمناسبة الذكرى الـ20 لاغتيال إسرائيل يحيى عياش، أحد أبرز قادة «كتائب القسام»، الذراع المسلحة للحركة، إن «الانتفاضة أعظم تحول استراتيجي في هذه المرحلة، ولقد تخطّت العقبات ومحاولات إجهاضها واحتوائها سياسياً، وأصبحت أكبر من قدرة أي طرف على إخمادها أو توجيهها في مسارات تخدم أهدافاً لا علاقة لها بالشعب الفلسطيني».
وأضاف: «الانتفاضة لم تخرج كل ما في جعبتها بعد، وهي لن تتراجع مطلقاً، ولن نسمح لكائن من كان أن يجهضها، وسنضخّ فيها من دمائنا وأرواحنا والأفعال قبل الأقوال».
في السياق نفسه، سمحت النيابة العامة الإسرائيلية بنشر تفاصيل التحقيق مع أعضاء خلية تابعة لـ«حماس»، أعلن كلّ من جهاز «الشاباك» والجيش والشرطة اعتقالها قبل نحو شهر.
ووفق موقع «واينت» العبريّ، فإن الخلية خطّطت لأسر إسرائيلي وقتله، ثم دفنه في قبر حُفر مسبقاً، وذلك تحضيراً لمفاوضات من أجل تحرير أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال مقابل تسليم الإسرائيلي. وكشف التحقيق مع أعضاء الخلية أن التخطيط للعملية وصل إلى مرحلة متقدمة جداً. ونقل أنهم أعدّوا مخبأً لإخفاء الشخص المأسور في حال بقي حياً، وقبراً لدفن جثته المفترضة إذا كان قد قتل في غضون العملية.
في سياق آخر، قال رئيس «اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة»، السفير محمد العمادي، إن زيارته للقطاع تهدف إلى البدء بتسليم شقق المرحلة الأولى من مدينة «الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني» السكنية، ومناقشة مشكلة الإغلاق المستمر لمعبر رفح البري على الحدود مع مصر. وأضاف العمادي، خلال مؤتمر عقده عقب وصوله إلى قطاع غزة أمس، أن «الهدف من زيارتي لغزة تسليم شقق المرحلة الأولى من مدينة الشيخ حمد السكنية، في خان يونس جنوبي القطاع، للمستفيدين من المشروع، والبدء بالمرحلة الثانية من المدينة».
إلى ذلك، أفادت وزارة الصحة باستشهاد 3 شبان برصاص قوات العدو الإسرائيلي على مفرق «غوش عتصيون» شمال مدينة الخليل. وادّعت مواقع إسرائيلية أن الشبان الثلاثة «خرجوا من جهة قرية بيت فجار وهم يحملون سكاكين لتنفيذ عمليات طعن، وتم رصدهم من خلال كاميرات المراقبة»، حيث نصب لهم جنود العدو كميناً وأطلقوا النار عليهم.