عمان | رغم المعروف عن قوة العلاقة بين السلطة الفلسطينية في رام الله والنظام الأردني، ملكاً وحكومة، فإن ثمة بروداً في العلاقة منذ التوجه الفلسطيني الرسمي عبر المملكة إلى مجلس الأمن لطرح مشروع الدولة وإنهاء الاحتلال. تقدر مصادر أن ذلك بدأ من حديث مسؤول ملف المفاوضات، صائب عريقات، عن أن السلطة ماضية في التوجه إلى مجلس الأمن، ولكن من دون تنسيق مع عمّان.الأردن اعتبر تصرف عريقات «غير لائق ومهين» وخاصة أنه يرى في نفسه «شريكاً رئيسياً في رسم الخطوات التي تسير عليها السلطة»، فيما اتجهت الأخيرة نحو أوروبا لتعديل الصياغات.

ومع أن المشروع أخفق ولم ينل التصويت المطلوب، ورغم أن رئيس السلطة، محمود عباس، أعلن أنه سيعمل على تقديم المشروع مجدداً، فإن الأردن أرسلت إلى السلطة إشارات واضحة بشأن ضرورة ألا يتكرر ما جرى، مشددة على «التنسيق المسبق قبل اتخاذ أي خطوة تتعلق بالاحتلال الإسرائيلي في فلسطين».
وأخيراً، وصف رئيس الوزراء الأردني الأسبق طاهر المصري، أن ما تمارسه السلطة هو «حرد سياسي»، منتقداً «نكوص رام الله عن مراجعة عمان عند تقديم مشروع الدولة الفلسطينية».
وبالمتابعة، فإن عباس لم يعد يزور الأردن كثيراً بعدما كان ضيفاً دائماً على القصر الملكي، بل كان اللقاء معه بنداً ثابتاً على أجندة الاجتماعات الدورية، بمعدل مرة كل شهر على الأقل، والآن يمر عبرها للسفر إلى الخارج فقط، أي كـ«ترانزيت».
ولكن الكاتب فهد الخيطان يؤكد، عبر متابعته للعلاقات الفلسطينية ــ الأردنية، أن الحديث عن خلاف بين الطرفين لا يعدو كونه خلافاً في وجهات النظر، إذ إنها ليست أكثر من خلافات «حول قضايا تفصيلية لا جوهرية». وفي ظل الحديث عن خلاف بين شخصيات في مخابرات السلطة والمملكة، رغم إعلان الأولى أن تنسيقاً جرى مع الثانية قبل مدة (تحرير رهينتين سويديين في سوريا)، فإن الخيطان يتساءل عن «شيء خفي دفع بالعلاقة إلى حد القطيعة، ولا يتحدث عنه الطرفان في العلن».
مصادر مقربة من رئاسة السلطة تحدثت إلى «الأخبار» عن وجود برود فعلي في العلاقة، لكنه لم يصل إلى حد القطيعة، مشيرة إلى أن رام الله طلبت شيئاً من الأردن ولكنها لم تحصل عليه (لم ترد الإفصاح عنه)، ثم جاء «عتاب الأردن للسلطة بشأن تقديم مشروع الدولة».
في المقابل، توضح المصادر الأخيرة أن السفير الأردني لدى السلطة، خالد الشوابكة، كان قد اجتمع مع رئيس السلطة، محمود عباس، بحضور قادة عسكريين يوم الجمعة من الأسبوع الماضي، فيما «استغل عباس هذه الدعوة لبناء جسر العلاقة من جديد بين رام الله وعمان، وتقديره لدور الملك عبد الله حيال القضية الفلسطينية».
تعقيباً على ذلك، يرى رئيس لجنة فلسطين في البرلمان الأردني، النائب يحيى السعود، أن هناك مبالغة في الطرح، قائلاً إنه لا يوجد خلاف حقيقي بين الطرفين، مشيراً في الوقت نفسه إلى لقاءاته المتواصلة مع رئيس السلطة.
وأضاف السعود لـ«الأخبار»: «العلاقة قائمة بين الطرفين، لكن ثمة أطرافاً تحاول صنع خلاف غير موجود».
وبشأن الحديث الذي يدور في أروقة سياسية داخل عمان عمن سيخلف عباس وضرورة بناء علاقة جيدة مع أطراف يعاديها الأخير، فإننا حاولنا التواصل مع الخارجية الأردنية للتأكد من أسباب البرود المشار إليه أو صحة ما يشاع، ولكن المتحدثة باسم «الخارجية» رفضت التحدث، مشيرة إلى أن وزير الإعلام، محمد المومني، هو المخول بذلك وهو المتحدث باسم الحكومة، فيما رفض الأخير التعاطي مع «الأخبار».