يبدو أنّ الحكومة العراقية باتت تستعد لنشر مقاتلين من قوات «الحشد الشعبي» في مناطق تقع إلى الغرب من بغداد للمشاركة في العمليات العسكرية الهادفة إلى استعادة محافظة الأنبار، في خطوة ضرورية لإلحاق الهزيمة بمقاتلي تنظيم «داعش».وقد لعبت تلك القوات دوراً محورياً بالفعل ــ وإن كان مثيراً للجدل ــ إلى جانب الجيش العراقي في الشهور القليلة الماضية، في حملة ناجحة شنتها الحكومة العراقية ضد «داعش» وساعدت في استعادة مدينة امرلي وجرف الصخر ومدينة تكريت ومناطق أخرى مهمة في محافظة صلاح الدين. فيما كانت الحكومة تحاول في الأسابيع الأخيرة تجنب الاستعانة بقوات «الحشد الشعبي» في محافظة الأنبار في وادي نهر الفرات غربي العاصمة، وهي موطن للعشائر وتمتد على الطرق الرئيسية المؤدية إلى الأردن وسوريا.

ولكن مع تعثر تقدم الجيش، يتحدث المسؤولون الآن صراحة عن إرسال المقاتلين الذين ينتظمون تحت مظلة «الحشد الشعبي»، الذي أعلن مسؤولون أنباريون تقديم 8000 من أبناء العشائر طلبات للتطوع فيه، وهو أمر يبدو أنه يزعج الولايات المتحدة. وقال حميد هاشم، وهو عضو في مجلس محافظة الأنبار، إنه حضر اجتماعاً في مطلع الأسبوع بين رئيس الوزراء، حيدر العبادي، ووزير دفاعه، خالد العبيدي، وسفير الولايات المتحدة في العراق، ستيوارت جونز. وقال هاشم إن الولايات المتحدة جعلت دعمها للحملة في الأنبار مشروطاً بعدم مشاركة سوى الجماعات التي تقع تحت القيادة المباشرة لبغداد.
واشنطن منزعجة وتشترط مشاركة الجماعات التي تقع تحت قيادة بغداد

من جهة أخرى، قال الشيخ أحمد العسافي، الذي يقود مجموعة من رجال العشائر الذين يقاتلون «داعش» واجتمعوا مع الأمين العام لـ»عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، لمناقشة مساهمة «الحشد» في الأنبار، «يجب أن نعترف بأنه سيكون من الصعب جداً على مقاتلي العشائر والقوات الأمنية هزيمة داعش في الأنبار».
لكن آخرين يقولون إن هذا سيكون خطأ جسيماً يدفع العشائر إلى الاحتشاد وراء تنظيم «داعش». وفي السياق، قال الشيخ علي حماد، الذي فر من مدينة الفلوجة، «إذا دخل الحشد الأنبار تحت أي غطاء، فإن الوضع لن يستقر».
وتسيطر القوات الحكومية في الأنبار على جيوب صغيرة معزولة فحسب من الأراضي التي يصعب إعادة توصيل الإمدادات إليها، كما أنها عرضة للهجوم من قبل المتشددين الذين هم على دراية بالتضاريس ويتمتعون بأفضلية استراتيجية من خلال السيطرة على الممرات المائية والطرق. وقال ضابط في الجيش تقاتل قواته في الأنبار إن المتشددين موجودون في كل مكان. وأضاف «نحن نتعرض لضغط هائل... نحن الآن نخوض حرب استنزاف وأخشى أن يصب ذلك في مصلحة داعش».
وقال الخبير الأمني ​​العراقي، هشام الهاشمي، إن القتال في الأنبار يشهد على نحو منتظم نقصاً في الإمدادات للقوات العراقية وتلاشياً في قوة الدفع، مضيفاً إنّ «هذا يجبرهم على التراجع، وهذا السيناريو يستمر بالتكرار منذ ستة عشر شهراً».
وتعتبر أي عملية في الأنبار معقدة، أيضاً، لناحية ارتباطها بمطالبات محلية لتحويل المحافظة إلى إقليم شبه مستقل، على غرار إقليم كردستان، وهو أمر لم تبد عليه واشنطن اعتراضاً علنياً، بل تشجع عليه من خلال سياساتها. وتعمل واشنطن على تكرار تجربة «قوات الصحوة» في الأنبار، ما يطرح عدداً من الأسئلة حول مهمة هذه القوات في المرحلة المقبلة. وحتى لو تم تسليح العشائر راهناً، فقد عمل «داعش» على منع ظهور حركة «صحوة» جديدة من خلال قتل الشيوخ وتفتيت العشائر.
في سياق آخر، نقلت، أمس، وكالة «الأناضول» عن مصدر عسكري قوله إن تنظيم «داعش» بات يسيطر على غالبية أجزاء مصفاة بيجي بمحافظة صلاح الدين، أكبر مصافي النفط في البلاد. وأضاف المصدر، وهو بحسب الوكالة عنصر في قوة حماية مصفاة بيجي، إن داعش «بات يسيطر على غالبية أجزاء المصفاة وإن العناصر المكلفة بحمايتها من القوات العراقية محاصرون في أبراج المراقبة في محيط المصفاة». وأشار إلى أن عناصر الحماية لا يزالون ينتظرون منذ أيام الدعم العسكري من قبل الحكومة لمساعدتهم في صد هجوم «داعش»، فيما قصف طيران «التحالف الدولي» مواقع لهم عن طريق الخطأ، من دون الإشارة إلى الخسائر. ولفت إلى أن أغلب مرافق المصفاة باتت مدمرة نتيجة القصف الجوي والقتال المستمر على الأرض منذ أسابيع بين التنظيم والقوات العراقية.
(الأخبار، رويترز)