يستمر الجيش السوري في عملياته العسكرية لاستعادة مدينة جسر الشغور وفك الحصار عن قواته المتحصنة في المشفى الوطني، بينما تتقدم الفصائل الإسلامية بقيادة «تنظيم القاعدة في بلاد الشام ــ جبهة النصرة» جنوب إدلب لتسيطر على معسكر القرميد الاستراتيجي قرب أريحا، بعد عدة عمليات انتحارية أجبرت القوات بداخله على الانسحاب، تفادياً لوقوع المزيد من الخسائر البشرية.
الهجوم على معسكر القرميد كان الأعنف على مدار الـ3 سنوات من حيث العمليات الانتحارية التي نفذت ضده بحسب وصف مصدر ميداني لـ«الأخبار»، الذي أفاد أيضاً بأنّ الهجوم بدأ ليل الأحد واستمر حتى فجر الاثنين عبر تنفيذ «جبهة النصرة» تفجيرين بعربتي «بي ام بي» مفخختين يقودهما انتحاريان من الجنسية السعودية، استهدفا حاجز المدجنة، ما أدى إلى وقوع أضرار جسيمة فيه، رغم انفجارهما عن بعد، وأديا إلى استشهاد وجرح عدد من عناصر الحاجز، الذي جاءته الأوامر من قيادة المعسكر بالتراجع للحفاظ على أرواح باقي العناصر.
وتلا التفجيرين هجوماً عنيفاً من قبل مئات المسلحين، بعضهم قام بتفجير نفسه على مقربة من مناطق التماس مع الجيش، ما فتح المجال لباقي المجموعات بالتقدم نحو باقي نقاط المعسكر. وأشار المصدر إلى أن سلاح الجو نفّذ عدة طلعات جوية، مستهدفاً محاور هجوم المسلحين «إلا أن الأمر بات صعباً على الطيران الحربي بعد اختراق المسلحين المعسكر وانتقال الاشتباكات إلى داخله».
واستمرت المعركة ساعات متواصلة، وكانت أصوات الانفجارات تهز المنطقة حيث تمكن المسلحون من تنفيذ أكثر من 10 عمليات انتحارية نفذها مقاتلون من جنسيات مختلفة يرتدون أحزمة ناسفة داخل المعسكر وتبعها تقدم للمشاة باتجاه حاجز الكازية القريب من مقر قيادة المعسكر، حيث دارت معارك عنيفة بمحيطه أجبر خلالها القوات على الانسحاب إلى السواتر القريبة من حاجز البيوت. وقررت قيادة عمليات المعسكر نتيجة الضغوط وكثافة القصف والتفجيرات إصدار أمر لجميع عناصر المعسكر بتنفيذ انسحاب تدريجي باتجاه النقاط القريبة من المعسكر بعد تأمين خروج بعض الآليات الثقيلة. ونجحت القوات بالانسحاب على شكل مجموعات منظمة على 3 دفعات، الأولى خرجت باتجاه معسكر المسطومة والثانية باتجاه أريحا والأخيرة باتجاه مصيبين والتلة المجاورة لها.

أثّر استرجاع الجيش لقرية الزيارة إيجاباً في وضع المقاتلين


وتشكل سيطرة المسلحين على معسكر القرميد خطراً على خاصرة معسكر المسطومة الذي أصبح في مرمى المسلحين، إلا أنه لا يسبب قطع الطريق بين أريحا والمسطومة، وخاصة أن تلة مصيبين شرق أريحا ما زالت تحت سيطرة الجيش.
وجرى تعزيز كافة النقاط العسكرية التي ما زال الجيش يسيطر عليها في ريف إدلب من خلال تدعيمها بالعناصر والآليات التي كانت في معسكر القرميد إلى جانب القوات التي انسحبت من جسر الشغور. وصرح مصدر عسكري لـ«الأخبار» بأن المعركة القادمة حاسمة ولن تكون سهلة إلا أن الهدف الرئيسي هو فتح طرق الإمداد من خلال استعادة مدينة جسر الشغور التي ما زالت العملية العسكرية قائمة باتجاهها والقوات الموجودة في المشفى الوطني بجسر الشغور تقاتل للحفاظ على موقعها.
إلى ذلك، ما زال الجيش يسيطر على بلدات كفرنجد والمقبلة ونحليا جنوب مدينة ادلب، التي تتعرض لهجمات متفرقة في محاولة من المسلحين السيطرة عليها. أما مدينة أريحا، جنوب ادلب، التي يقطنها عشرات الآلاف من المدنيين، فقال مصدر ميداني إنها المدينة تشهد هدوءاً حذراً في ظل صمود جبل الأربعين والمسطومة، يتخلله سقوط بعض القذائف عليها.
وأضاف أن عدداً من الشبان تطوعوا لحماية المدينة ومساندة الجيش في تأمين الحواجز المحيطة بها. وأشار إلى أن خريطة السيطرة على الأوتوستراد الدولي أريحا ــ اللاذقية ما زالت لمصلحة الجيش الذي لم يخسر أياً من نقاطه فيها.

عودة «الزيارة»

وفي ريف حماه أثّر استرجاع الجيش لقرية الزيارة، شمالي سهل الغاب، إيجاباً على وضع المقاتلين في الصفوف الأمامية في قرية فريكة المتاخمة لريف جسر الشغور. القرية التي كانت حتى صباح أمس شبه محاصرة إثر تقدم مقاتلي «النصرة» ضمن القرى والبلدات الشمالية من سهل الغاب. ورغم ازدياد الأوضاع العسكرية سوءاً في ريف ادلب الجنوبي، جراء العمليات القتالية في سهل الغاب، غير أن تعزيزات للجيش استطاعت عبور السهل باتجاه ريف إدلب، وذلك بعد ساعات من فتح طريق أريحا ــ جورين، بعد خروجه عن الاستخدام العسكري والمدني طوال الأيام الفائتة. وأخطر ما تتعرض له قرى المنطقة هو القنص الكثيف، ما يجعل الحركة شبه مستحيلة بين قرى سهل الغاب والريف الإدلبي، ولا سيما طريق بسنقور ــ أريحا. مصدر ميداني أكد لـ«الأخبار» أن «عين المسلحين على أريحا. هذا ما تظهره محاولاتهم لقطع كل محاولات الوصول باتجاهها من مطار حماه العسكري، عبر سهل الغاب». ويضيف المصدر أن استرجاع قرية الزيارة رفع معنويات مقاتلي الجيش بعد أيام من الهجمات المتواصلة للمسلحين على كافة الجبهات، ما يؤدي إلى فتح الطريق إلى معسكر المسطومة، بشكل تام.
وفي سياق منفصل استهدف سلاح الجو رتلاً لمسلحي «جيش المهاجرين والأنصار» في كفر حمرة، شمال غرب حلب، ما أدى إلى مقتل مسلحين عدة.
أما في الجنوب السوري، نصب عناصر من «جيش الجهاد» كميناً لأحد قياديي «النصرة» النقيب المنشق سامر سويداني، ما أدّى إلى مقتله هو وعناصر آخرين. الكمين وقع في بلدة القحطانية في ريف القنيطرة، اثناء توجّه موكب محملاً بالذخائر لقرية الحميدية. «النصرة» اتهمت «جيش الجهاد» بالعملية، متهمةً إيّاهم بمبايعة «داعش». يذكر أن فصائل عدة في درعا والقنيطرة أعلنت نهاية شهر كانون الثاني الماضي اندماجها تحت مسمى «جيش الجهاد»، وضم كلّاً من «سرايا الجهاد» و«جماعة جند الإسلام»، و«حركة مجاهدي الشام»، و«جماعة شباب السلف»، و«جماعة البنيان المرصوص».