25 غارة جوية وصليات متواصلة من صواريخ البوارج الحربية، لم تمكّن مجموعات المسلحين التابعين للرئيس الفار، عبد ربه منصور هادي، وتنظيم «القاعدة»، من الإمساك بآخر المواقع التي كانت تحت سيطرتهم في الأحياء الساحلية من مدينة عدن جنوبا، في الوقت الذي تقدمت فيه قوات الجيش واللجان الشعبية (التابعة لحركة أنصار الله)، نحو مركز محافظة مأرب، وسط البلاد.
في غضون ذلك، لاحظت مصادر مطلعة في عدن أن تركيزا جديدا من جانب قوى العدوان يجري على مناطق حضرموت والمهر الواقعة بمحاذاة سلطنة عمان، وهي مناطق شاسعة، وإن كانت صحراوية بغالبيتها، فإنها تمثل أكثر من 45% من مساحة اليمن، كما جاء إعلان تنظيم «داعش»، يوم أمس، عن وجوده هناك ضمن مقدمة لعمل ما من جانب قوى العدوان، ربما يرمي إلى الدخول إليها والتمركز فيها وإعلانها «منطقة آمنة تتبع للسلطة الشرعية»، في أمل لتحويلها بديلاً عن عدن.
ووفق ناشطين من مدينة المكلا، فإن تظاهرات خرجت ضد «القاعدة»، وكذلك فإن عدة مدن في المحافظة بدأت التحرك رافضة سيطرة هؤلاء، بل تدعو إلى تحييد محافظتهم عن المعارك القائمة، مع الإشارة إلى أن أبرز قيادات «الحراك الجنوبي»، ويدعى حسن الباعوم، لا يزال هناك.
تعمل مسقط
على مبادرتها بسرية، وكل ما أشيع من بنود غير صحيح

وبرغم أن التطورات العسكرية الميدانية تظهر استمرار العدوان السعودي، فإنها لم تحجب المتابعات البعيدة عن الأضواء لمناقشة مبادرة أعدتها سلطنة عمان. يقول مصدر مطلع إن مسقط تحرص على سرية المبادرة، مشيرا إلى أن ما يجري تداوله في الإعلام حول بنود لمبادرة عمانية غير دقيق، وأن هناك صعوبات ناجمة عن الشروط الإضافية التي تضعها الرياض. وفي الوقت نفسه، تتواصل، من جهة أخرى، الاتصالات بين «أنصار الله» وشخصيات وقبائل جنوبية من أجل بلورة تفاهم يستند إلى ما أعلنه زعيم «أنصار الله»، السيد عيد الملك الحوثي، حول إدارة أهل الجنوب لشؤون مناطقهم بأنفسهم، وذلك في سياق لا يحقق الانفصال، ولكن، يبدو أن المعركة بين قوى «الحراك الجنوبي» قاسية حول هذا الموضوع، بعدما ارتفعت أصوات جنوبية ترفض ما سمته «توريطهم في معركة خلفيتها وأهدافها تتصل بالسعودية»، ولا تحقق لهم الانفصال، «بل تؤدي إلى تدمير مدن الجنوب».
وبانتظار جلسة مجلس الأمن، الإثنين المقبل، لتسليم المندوب الأممي الجديد إلى اليمن، توقعت المصادر اشتداد المعارك في بعض مناطق الجنوب، ولفتت إلى أن طائرات قوى العدوان رمت أمس مناشير فوق بعض أحياء عدن داعية المواطنين إلى الابتعاد تمهيدا لجولة جديدة من الغارات.
أما التطور السياسي اللافت، فكان بيان الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، الذي دعا فيه «أنصار الله» أمس، إلى قبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها «مقابل وقف العدوان لقوى التحالف»، علماً بأن القرار الدولي ينص على انسحاب الجيش و«أنصار الله» من المدن التي يسيطرون عليها بما فيها العاصمة صنعاء، وتسليم السلاح لمؤسسات الدولة، وتلبية الدعوة الخليجية للحوار في الرياض تحت سقف المبادرة الخليجية.
وطالب صالح، في بيان نشر على موقعي «فايسبوك» و«تويتر»، بحوار يمني ــ سعودي تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف، كما طالب بـ«وقف الاقتتال وإطلاق المختطفين وبدء حوار وطني». وأكد أيضا ضرورة العودة إلى «الحوار في المحافظات»، داعياً خصومه السياسيين إلى «الحوار والتسامح».
وبينما سارع داعمو العدوان إلى اعتبار موقف صالح «بداية انشقاق» في الجبهة اليمنية، ذكرت مصادر يمنية مطلعة لـ«الأخبار» أن موقف الرئيس السابق يحتاج إلى مراجعة وقراءة خلفياته وأبعاده، ولكنها لم تهمل في الوقت نفسه أن يكون صالح يعمل على تحييد نفسه في محاولة لتجنب العقوبات التي يهدد بها مع عائلته في الخارج.
هذه المصادر جزمت بأن صالح لو ذهب أبعد من ذلك، فلن تشهد البلاد تغييرات دراماتيكية على الأرض، بل توقعت المزيد من جولات المواجهة في المرحلة المقبلة.
إلى ذلك، قال عضو المكتب السياسي لدى «أنصار الله»، محمد البخيتي، أمس: «إننا مستمرون في الثورة المتمثلة في القضاء على الفساد ومحاربة تنظيم القاعدة واستعادة السيادة للبلاد». وعن تهديدات مجلس الأمن، أكد البخيتي، أن «تلك القرارات لن تثنينا عن استكمال الثورة». داعيا القوى السياسية إلى العودة إلى طاولة الحوار في صنعاء، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية.
وأشار الرجل إلى أن من أعلن توقف «عاصفة الحزم»، يقول تارة إن سبب ذلك أن الحملة الجوية حققت أهدافها في القضاء على التهديدات على دول الخليج، وتارة أخرى أنه تنفيذ لطلب من هادي... «جميعها تناقضات في إبداء المبررات للحرب التي شنوها على اليمن».
في المقابل، اتهم المتحدث باسم حزب «الإصلاح» التابع لجماعة «الإخوان المسلمين»، عبد الملك شمسان، الحوثيين وصالح، بعرقلة العملية السياسية التي تتواصل المباحثات حولها الآن، وقال شمسان، إن «الجميع متفقون على أن الكرة الآن في ملعب صالح والحوثيين، وهم من يملك القدرة على العرقلة أو التسريع بإخراج اليمن من هذا الوضع، وذلك بالاعتراف بالشرعية، والاستجابة للقرار السعودي الخليجي الأممي، والكف عن الإساءة للمملكة العربية السعودية».
وعلى خط الدفع باتجاه الحلّ السياسي، أكدت روسيا وعمان أن الوضع في اليمن وصل إلى منعطفات خطيرة جدا، ولكنهما شددتا على ضرورة التوصل السريع إلى تسوية سياسية عبر الحوار الوطني الشامل. وخلال استقبال نائب وزير الخارجية، ميخائيل بغدانوف، لسفير السلطنة لدى موسكو، يوسف الزدجالي، يوم أمس، جرى البحث في الأزمة اليمنية «إلى جانب أمن المنطقة ودول الخليج»، وفق بيان صدر عن الخارجية الروسية.
وعلى صعيد تداعيات منع العدوان، الطائرة الإيرانية المحملة بالمساعدات من الدخول إلى اليمن، استدعت السلطات الايرانية، أمس، القائم بالأعمال السعودي في طهران، لإبلاغه احتجاجها على إجبار الطائرة على العودة من حيث أتت. وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إن السعودية منعت طائرة تابعة للهلال الأحمر الإيراني تحمل مواد طبية وجرحى يمنيين يعالجون في إيران، من الدخول إلى اليمن. وطلب عبد اللهيان، في اتصال هاتفي مع رئيس «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، بيتر ماورير، التدخل العاجل من أجل تلبية الاحتياجات الطبية والغذائية للشعب اليمني، مؤكداً ضرورة نقل ذوي الإصابات الخطيرة والمحتاجين إلى مساعدة طبية في اليمن إلى بلدان الجوار، وفق وكالة «فارس»، التي نقلت عن عبد اللهيان تأكيده استعداد بلاده لمعالجة الجرحى اليمنيين داخل البلد، أو نقلهم إلى طهران.
من ناحية أخرى، أكد المتحدث باسم البنتاغون، ستيف وارين، أن إبحار قافلة السفن الإيرانية بعيداً عن السواحل اليمنية «ساعد على تهدئة مخاوف واشنطن». وقال وارين، إن قافلة السفن المكونة من تسع قطع أصبحت في منتصف المسافة تقريباً عند ساحل عمان، ولا تزال تبحر في اتجاه الشمال الشرقي، وفيما أحجم المسؤول الأميركي عن القول إن السفن في طريق العودة إلى بلادها، أكد أن الجيش الأميركي «لا يعرف نياتها»، وأن السفن «يمكن أن تعود في أي لحظة».
(الأخبار)




«داعش» يتوعد الحوثيين... بالمفخّخات

توعّد تنظيم «داعش»، في اليمن، حركة «أنصار الله» بالمفخخات بعدما قال إنهم ذاقوا «طعم الأحزمة» المفخخة. التنظيم نشر على موقع «اليوتيوب» فيديو بعنوان «جنود الخلافة في أرض اليمن»، معنونا بإشراف ما سماه «المكتب الإعلامي في ولاية صنعاء».
تخللت الفيديو كلمةً «تحريضية لأهل السنّة في اليمن»، تعهّد قارئها لزعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، «إعلاء صرح الخلافة في اليمن»، متوعداً «الحوثة الروافض بالذبح وشرب الدماء»، ومحرّضاً أهل السنة على «الدفاع عن حقوقهم، والالتفاف حول الدولة».
كما لم يغب عن قارئ بيان التنظيم «الطاعنين بجنود الخلافة» (قاصداً أنصار تنظيم القاعدة في جزيرة العرب)، متوعداً إيّاهم بحساب يوم القيامة.
ومقارنةً بإصدارات «الولايات» الأخرى، تشابه سياق إصدار فرع التنظيم في اليمن مع إصدارات سابقة: «أناشيدٌ جهادية» ومشاهد عسكرية، ولكن العنصر الاستعراضي المتمثل بأسلوب التصوير والمونتاج طغى على مشاهد التقرير المصوّرة، إذ لا شيء يوحي ببيئة تدريبية عسكرية، وإنما استعراض بعض التشكيلات القتالية لعدد قليل من الجند، تشير إلى ما يشبه «الفانتازيا» لا أكثر.
(الأخبار)