صنعاء | لا شك في أن قرار مجلس الأمن الأخير يمثل تأييداً للعدوان على اليمن، وإن بطريقة غير مباشرة. هو يضفي شرعية دولية على العمليات العسكرية السعودية عبر إصدار عقوبات على شخصيات في جماعة «أنصار الله»، ويعطي السعودية وتحالفها الحق في القبض على مصير أكثر من 25 مليوناً يواجهون كارثة إنسانية يوماً بعد يوم. ورغم أن القرار الدولي الأخير ينطوي على معان عدة تذكي الحرب في اليمن، يبقى تأثيره الفعلي محدوداً وصورياً، خصوصاً لناحية تضرّر «أنصار الله» ووضعيتها الميدانية وإمكانياتها، في ظلّ العدوان المتواصل منذ ثلاثة أسابيع.
القرار الدولي الذي نصّ على حظر توريد الأسلحة لابن الرئيس السابق علي عبدالله صالح، أحمد، وزعيم «أنصار الله» عبد الملك الحوثي وقيادات في جماعته، يطالب بانسحاب الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» من المحافظات التي تسيطر عليها وتسليم أسلحتها لجهة لم تحددها، وهو ما يعتبره محامون يمنيون دعوةً إلى تسليم السلاح للميليشيات التابعة للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، القوة الميدانية المؤيدة للعدوان.
«أنصار الله» قللت من فاعلية القرار واعتبرته انعكاساً لتأثير المال الخليجي والضغوط الأميركية على مجلس الأمن، لافتة إلى أنه «غير ذي جدوى» على الواقع اليمني ويزيد من تعقيد الاوضاع.
امتناع روسيا عن التصويت يعطي فرصة لملاحقة السعودية قانونياً
وفي حديثٍ إلى «الأخبار»، قال عضو المجلس السياسي في الجماعة، عبد الملك العجري، إن القرار ليس جديداً على مجلس الأمن الذي انحرف عن مهمته الأساسية كما حددتها المواثيق الدولية في حفظ السلم والأمن الدوليين وفضّ النزاعات وحماية حقوق الإنسان، وأصبح يخضع لأجندات ومصالح الدول الكبرى والرأسمالية العالمية»، مشيراً إلى أن قرارات مجلس الأمن فقدت قيمتها الحقيقية لأنها لم تعد تخضع لمواثيق الأمم المتحدة، الأمر الذي أفقدها الثقة حتى بالنسبة إلى الدول الأعضاء. وأضاف العجري أن الثقة في مجلس الأمن اهتزت أيضاً لدى الشعوب والدول، ولم يعد محل احترام، وأصبحت قراراته مجرد إجراءات شكلية، متابعاً: «كلما أوغلت قرارات مجلس الأمن في إرضاء تلك القوى فقدت أهميتها (...) ودول كثيرة لا تلتزم بها».
وفيما احتفى المؤيدون للعدوان بقرار مجلس الأمن الذي يفرض عقوبات على الرئيس السابق ونجله وعلى قيادات في «أنصار الله»، يرى العجري أن هذه العقوبات «لا يمكن أن يكون لها أثر في الواقع»، مؤكداً أن القرار والحظر لن يؤثرا في تحركات الجيش و«اللجان الشعبية» في الميدان. وأشار العجري إلى أن القرار كان يجب أن يتجه نحو الحث على وقف النزاعات واستئناف المفاوضات، معتبراً أنه سيؤجّج الصراع على الأرض».
وفي حين يرى العجري أن القرار لم يمنح العدوان أي شرعية على أساس أنه يشترط تصويت الدول الخمس الدائمة العضوية، تساءل عن «العقوبات التي ستكون أشد من الحرب الذي يتعرض لها الشعب اليمني؟».
من جهةٍ أخرى، يرى خبراء قانون يمنيون أن القرار يعطي الفرصة لمقاضاة السعودية أمام محكمة الجنايات الدولية، لكونه «فاقداً ‏للمشروعية وغير ملزم بسبب امتناع روسيا عن التصويت». وبحسب تفنيد قانوني أعدّه المحامي اليمني محمد علاو وزملاؤه، حصلت «الأخبار» على نسخة منه، إن امتناع روسيا (العضو الدائم) عن التصويت على قرار مجلس الأمن بشأن اليمن يفقده قيمته القانونية الملزمة كقرار تحت الفصل السابع، وبالتالي ينزع ‏شرعية العدوان السعودي العربي ضد اليمن وكذلك شرعية هادي وقراراته وفقاً للقانون الدولي وميثاق الأمم ‏المتحدة». ووفق الورقة التي نسبت إلى خبراء قانونيين يمنيين، فإن قرار العدوان السعودي ضد الشعب اليمني اتخذ من دون موافقة من مجلس الأمن الدولي صاحب ‏الاختصاص الأصيل والحصري في ذلك بموجب ميثاق الأمم المتحدة، مشيرةً الى أن الامتناع الروسي عن التصويت أتى ليعطي فرصة لمحامين وحقوقيين ليبدؤوا بمقاضاة السعودية أمام المحكمة الجنائية الدولية ورفع دعاوى دولية وملاحقة ‏المتورطين في العدوان وجرائم الإبادة الجماعية ضد اليمن كمجرمي حرب ومنتهكين للقانون ‏الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وفيما احتفى إعلاميون وسياسيون مؤيدون لعدوان السعودية خارج اليمن بالقرار وبالموقف الروسي الذي اعتبروه خذل «أنصار الله» لكونه لم يستخدم الفيتو هذه المرة، يرى المحامون اليمنيون في ورقتهم أن امتناع روسيا عن التصويت بالموافقة لمصلحة مشروع القرار الخليجي يعدّ كافياً. وقالت الورقة القانونية إن ذلك: «ينسف شرعية القرار الصادر من الأساس ويجعله كأنه لم يكن ولا تترتب عليه أي آثار قانونية»، واستندت الورقة في ذلك إلى نص الفقرة 3 من المادة 26 من ميثاق الأمم المتحدة التي ‏تشترط لصحة أي قرار من مجلس الامن الدولي كشرط محدد لشرعية أي قرار ضمن الفصل السابع هو تصويت الخمسة الأعضاء ‏الدائمين على القرار، مشدّدة في سياق تفنيدها لمشروعية القرار على أن مجلس الامن هو صاحب الاختصاص الحصري في تقدير أي دولة تستحق التدخل العسكري تحت الفصل السابع، وهو ما لم يتحقق بسبب امتناع روسيا عن التصويت، إضافة إلى كون العدوان جاء سابقاً لأي قرار شرعي من مجلس الأمن ويصنف في خانة العدوان والانتهاك. وفي السياق، وصف مراقبون القرار الدولي بأنه جاء كترضية للسعودية و«إخراجاً ناعماً للفشل الذي منيت به ما سميت عاصفة الحزم» في تحقيق أهدافها المعلنة.
إلى ذلك، دعت «اللجنة الثورية العليا» إلى الاحتشاد في ساحة التغيير في صنعاء اليوم، رفضاً لقرار مجلس الأمن «الذي يدعم الجلاد ضد الضحية».