عمّان | تسود تلميحات عديدة في الأردن إلى أن المشاركة في الحرب على اليمن لن تكون كحال التحالف الدولي الذي شاركت فيه المملكة ضد تنظيم «داعش»، ولهذا أسباب داخلية وخارجية عديدة، أشار إلى بعضها الملك عبد الله الثاني، الذي تحدث قبل يومين عن أنه «لا بديل من الحل السياسي للأزمة في اليمن بما تتوافق عليه جميع مكونات الشعب اليمني». كلام عبد الله جاء عقب لقائه برلمانيين أردنيين، أوضح لهم أن مشاركة عمان في «التحالف العربي» تأتي استجابة «للطلب الرسمي للشرعية الدستورية في اليمن، وليس لأحد آخر».
أوساط مقربة من مركز القرار الأردني تذكر، في السياق، أن زيارة مستشار الملك للشؤون العسكرية ورئيس هيئة الأركان المشتركة، الفريق أول الركن مشعل الزبن، إلى السعودية أخيراً، كانت تحمل رسائل تحذير من مغبة تورط سعودي في عمل بري، وتردد أيضاً أن مؤسسة القصر الملكي نفسها عملت في الاتجاه المعاكس لسيناريو الاشتباك البري وإدخال قوات إلى اليمن، مع حفاظها على موقفها المساند للرياض. وفي الوقت نفسه، بدا الأردن كما أنه يستقبل بعض المكافآت الخليجية، إذ قال مصدر مسؤول في وزارة الطاقة إن باخرة عائمة محملة بالغاز الطبيعي المسال ستصل إلى العقبة (جنوب) قريباً.
أُجليت غالبية رعايا المملكة من صنعاء بتنسيق مباشر مع «أنصار الله»

وتقول المعلومات إن الأردن وجه نصائح إلى السعوديين والباكستانيين والمصريين بضرورة تجنب المزيد من التورط في اليمن، أو شن عمليات برية ستودي بحياة مئات الجنود، ونقلت مصادر أخرى أن ثمة قناعة أردنية بأن «الأميركيين سعوا إلى الإيقاع بالسعودية في مصيدة العمل العسكري والتورط في اليمن، تماماً كما جرى مع صدام حسين في الكويت». كذلك يرى مسؤولون في المملكة أن الأولوية الآن ترتبط بالأوضاع على الحدود مع العراق وسوريا، إذ بات الأردن «طرفاً عملياتياً» وفق قرارات دولية، على أن موقف الإماراتيين يلتقي في الجانب الحذر مع الأردنيين.
على الصعيد السياسي، تتناقل وسائل إعلامية أنباء مفادها أن أحمد علي عبد الله صالح يجري مباحثات مع الحكومة الأردنية بغرض الاتفاق على مبادرة لحل الأزمة في بلاده. ووفق قولها، فإن المباحثات، التي يجريها نجل صالح، بدأت بعد رفض باكستان طلب السعودية إرسال قوات برية ضمن، مشيرة إلى أن من ضمن المبادرة ما ينص على أن مقر إقامة الرئيس السابق، صالح، في الأردن أصبح جاهزاً في المملكة بالإضافة إلى منحه «حصانة كاملة». لكن «الأخبار» تواصلت مع بعض المصادر الحكومية، التي لم تنف أو تؤكد صحة هذه الأنباء، لكنها استبعدت توفير ملاذ آمن لصالح على الأراضي الأردنية.
يقدر الكاتب الصحافي المتابع لأخبار الديوان الملكي ورئاسة الوزراء، معاذ البطوش، أن الأردن مؤهل لأداء دور في مصالحة يمنية، إذ إن مشاركته العسكرية الحالية ليست بمستوى ما هي عليه في «الحرب على داعش»، وهو برأيه ما يعطي عمّان «موقعاً يجعلها مقبولة كوسيط بين غالبية الأطراف، وخاصة مع الانفتاح المرتقب في العلاقات الأردنية ــ الإيرانية».
ويضيف البطوش: «الملك الراحل، حسين، رعى في التسعينيات مصالحة من هذا القبيل في عمان بين اليمنيين، كذلك إن التصريحات الرسمية الأردنية أبقت الأبواب مفتوحة مع جميع الأطراف، بمن فيهم الحوثيون الذين عالجت المستشفيات بعض جرحاهم قبل عاصفة الحزم».
أما عن المشاركة العسكرية المباشرة في حال تغيُّر السيناريوات، فلا ينكر مراقبون أن العدوان جاء مباغتاً ولم يجر الاستعداد بصورة كلية له، فضلاً عن أنه يشتت جهد الدول العربية المشاركة في التحالف ضد «داعش».
في المقابل، تحدث طلبة أردنيون عائدون من اليمن عن «معاملة حسنة» من الحوثيين والقوات الموالية لهم، وقد جرى تمكينهم من العودة إلى المملكة بسلام، وهو ما قد يفهم على أنه رسالة بمضمون طيب تؤكد «حضارية التعامل لدى الحكام الجدد في صنعاء»، على خلاف ما يشاع من محاولات لتشويه سمعتهم ومعادلتهم بـ«داعش» والمنظمات المتطرفة. ومصداق ذلك، أنه في الأيام القليلة الماضية أُجلي نحو 737 أردنياً من اليمن، مع تقدير المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، صباح الرافعي، أن الغالبية العظمى من الرعايا هناك عادوا، فيما أكد الباقون رغبتهم في البقاء «لأسباب عائلية أو اقتصادية أو متعلقة بارتباطات خاصة».
واللافت أن الإجلاء البري، كما قالت الرافعي، كان بالتعاون المباشر بين مركز العمليات في وزارة الخارجية والسفارة الأردنية لدى صنعاء حيث تسيطر على محورها اللجان الشعبية والقوات الموالية للحوثيين الذين لم يعرقلوا تلك العملية، ما استدعى تعليقات مباشرة من إعلاميين بارزين في المملكة للمقارنة بين السلوك الداعشي مع الطيار الأردني الذي أحرق حياً، وسلوك جماعة «أنصار الله» رغم إعلان الأردن رسمياً دعمه للعدوان على بلادها.

< hr noshade>

«الإخوانان» المختلفان أيدا العدوان!

رغم المعركة الوجودية بين جماعة «الإخوان المسلمين» في الأردن، والجمعية التي أسسها منشقون عن الجماعة، ومع صراع الجماعة الأم ضد الحكومة التي تعتقل نائب المرشد العام، فإن الطرفين أيدا، في بيانين منفصلين، مشاركة المملكة في العدوان السعودي على اليمن.
وهما، وإن اتفقا في ذلك، فإن خلافاتهما على الشرعية والحق في إدارة ممتلكات «الإخوان» لا تزال قائمة، إذ يجري صراع الآن على ملكية أرض في إربد (شمال)، وخاصة أن الجمعية الجديدة لـ«الإخوان» تحظى بترخيص حكومي جديد.
تزيد مصادر حكومية أن هناك تنامياً للتيار التكفيري في أوساط الجماعة المهلهلة، بل فاقم ذلك القلق الأمني، ما دفع رئيس الوزراء، عبد الله النسور، إلى تعميم كتاب على الوزارات والمؤسسات الحكومية يؤكد ضرورة التقيد بالتعليمات الجديدة للزيارات الملكية ومنع حمل الحاضرين للهواتف وأجهزة الاتصال الحضور أثناء انعقاد الفعاليات برعاية ملكية أينما كانت.