القاهرة | نهاية الشهر الماضي أصدرت المحكمة العسكرية المصرية حكماً بحبس الطالبة في جامعة المنصورة، إسراء ماهر، لمدة عامين وتغريمها 50 ألف جنيه (6500 دولار)، بعدما ألقت قوات الأمن القبض عليها من داخل الجامعة، ووجهت إليها تهم التظاهر دون تصريح والتورط في أعمال شغب، ليكون ذلك أول حكم عسكري ضد طالبة جامعية، عقب إصدار قانون حماية المنشآت والمرافق العامة بتصديق الرئيس، عبد الفتاح السيسي.
ففي تشرين الأول الماضي، أصدر السيسي القانون رقم 136 لسنة 2014 الذي يلزم القوات المسلحة مشاركة الشرطة في تأمين المنشآت والمرافق العامة، ويحيل الجرائم التي تُرتكب ضد هذه المنشآت على القضاء العسكري، فيما كانت الجامعات من بين المنشآت التي اكتسبت الصفة العسكرية.
ورغم المشهد السياسي الحالي الذي تعيشه الجامعات وتتصاعد فيه احتجاجات الطلاب وتظاهراتهم وتخفت بين حين وآخر، فإن هذا القانون لم يحد تلك الاضطرابات، على أنه وسّع قاعدة الطلاب المحالين على المحاكمات العسكرية. ووفقاً لحصر أجراه مرصد طلاب حرية (مجموعة من الناشطين والطلاب يعملون على توثيق الانتهاكات)، فإن 172 طالبا أحيلوا على المحاكمة العسكرية منذ إقرار القانون وبدء تطبيقه، وقد كان لجامعة المنصورة نصيب الأسد من هذا الرقم، إذ وصل عدد الطلاب المحالين منها على محكمة عسكرية 45.

يمكن أن تصدر المحاكم العسكرية أحكاماً بالسجن المؤبد أو الإعدام


والدة إسراء ماهر قالت لـ«الأخبار» إن ابنتها ألقي القبض عليها من داخل الجامعة عقب يوم واحد من بدء تطبيق القانون المذكور، ثم أحيلت بعد شهرين على المحاكمة العسكرية التي عقدت جلسات على مدار شهرين آخرين، قبل أن يصدر الحكم بسجنها لعامين وتغريمها 50 ألف جنيه.
ورغم المفاجأة التي حلت على العائلة عقب الحكم، وخاصة أن شهود المحاكمة كانوا واقفين بجانب ابنتهم، تقول والدتها: «كل ما يشغلنا الآن هو إتمام الأوراق لتستطيع استكمال دراستها خلال السجن، ففي الفصل الدراسي الأول لم تستطع سوى أداء امتحانات ثلاث مواد من أصل ثمانٍ بسبب تعنت إدارتي الجامعة والسجن».
تطبيق القانون على الطلاب عقب يوم واحد من صدوره لم يكن أزمة كبيرة، بل هي من وجهة نظر المحامي مختار منير تطبيق القرار بأثر رجعي على طلاب ألقي القبض عليهم قبل شهور من إصدار القانون. يقول منير، الذي يتولى مهمة الدفاع عن عدد من الطلاب المحالين على المحاكمة العسكرية، إن «هناك قضية معروفة بأحداث كلية حاسبات ومعلومات جامعة عين شمس، وقد وقعت في أيار الماضي»، مضيفاً: «عقدت الجلسة في آذار الماضي في محكمة عسكرية دون إعلام المتهمين أو المحامين بموعد المحاكمة، وحينما عرفنا تقدمنا إلى المحكمة بطلب للمرافعة لكننا فوجئنا في الجلسة التالية بالقاضي يحكم غيابياً على 10 طلاب من عين شمس بالسجن المؤبد 25 عاماً وتغريم كل منهم مئة ألف جنيه (113 ألف دولار)». ويستنكر المحامي كون «المحاكمة جرت في 17 يوماً دون سماع مرافعة المحامين، في إخلال تام بكل ضمانات العدالة».
عضو حركة استقلال الجامعات، هاني الحسيني، يعلق على كل ذلك بالقول، إن «حال الطلاب أصبح في منتهى الخطورة، فالمحاكم العسكرية من الممكن أن تقضي بالإعدام دون أن يكون للطالب الحق في الدفاع عن نفسه»، متسائلاً: «الجامعة بكل منشآتها وأفرادها وما يحدث فيها مؤسسة مدنية، لذا بأي منطق يحاكم الطلاب محاكمات عسكرية على أحداث وقعت داخل الجامعات؟».
أما الباحث في مؤسسة حرية الفكر والتعبير (مركز حقوقي مستقل)، محمد عبد السلام، فيرى أن المحاكمات العسكرية للطلاب هي «التطور الطبيعي لاتجاه السلطة في التعامل بعد استخدام القوة ضد الطلاب وتعلية أسوار الجامعة والتمركز الدائم لقوات كبيرة من الشرطة وأحياناً الجيش أمام الجامعات، فضلاً عن السياسة التي تتبعها الجامعات نفسها في فصل أعداد كبيرة من الطلاب». وأضاف عبد السلام: «تسعى السلطة إلى وقف الحراك الطلابي بكل الطرق، خاصة بعد المساحات الكبيرة التي كسبها الطلاب عقب 25 يناير داخل الجامعة، إضافة إلى قوة الحراك الطلابي عقب أحداث 30 يونيو... كل هذا استدعى السلطة إلى اللجوء لأدوات العسكرة وزيادة ترهيب الطلاب».




إحالات جديدة لأنصار «الإخوان» وضابطي شرطة

أحال النائب العام المصري، هشام بركات، أمس، 379 من أنصار الرئيس السابق محمد مرسي على المحاكمة بتهمة المشاركة في أعمال عنف أدت إلى مقتل شرطيين خلال الفض الدامي لاعتصامهم في القاهرة في آب 2013. وقال بركات، إن «379 من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين شاركوا في اعتصام ميدان النهضة متهمون بتنظيم هذا الاعتصام المسلح وتسيير مسيرات مسلحة هاجمت المواطنين، ما أدى إلى سقوط ضحايا من المواطنين والشرطة».
في غضون ذلك، أعلن بركات أنه أحال ضابطي شرطة على محكمة الجنايات في قضية مقتل المحامي كريم حمدي بسبب التعذيب في شباط الماضي، بعدما نقل إلى مستشفى في القاهرة مصاباً بكسور من قسم للشرطة. وقال بيان النائب العام: «كشفت تحقيقات النيابة العامة أن المجني عليه قد صدر قرار بضبطه وإحضاره بناءً على اعتراف متهم آخر عليه، ولكن خلال حجز المجني عليه في ديوان قسم شرطة المطرية تعرض للتعذيب بأيدي ضابطي شرطة لحمله على الاعتراف بما ارتكبه من جرائم فأحدثا به إصابات جسيمة متعددة أوردها تقرير مصلحة الطب الشرعي ما أودي بحياته».
وبناءً على ذلك «وجهت النيابة العامة إلى الضابطين تهمة تعذيب المجني عليه حتى الموت بعد أن توافرت الأدلة الكافية ضدهما»، ولكن هذا لا يزيد على قول الحكومة إن مثل هذه الانتهاكات فردية وإن مرتكبيها يحالون على المحاكمة، فضلاً عن إصرار بيان بركات على كون المحامي المذكور قد اعترف «تحت التعذيب» بتهمة حيازة السلاح والانتماء إلى «الإخوان».
(أ ف ب، رويترز)