غزة | لا غالب ولا مغلوب في العلاقة بين حركتي «فتح» و«حماس» في وقت يمسك فيه كل طرف بأوراق لابتزاز الآخر. على أن ذلك لا يزيد سوى معاناة الفلسطينيين، وخاصة في قطاع غزة، بل لا مشكلة لدى أي من الحركتين في استقبال الآخر. حتى لو صح ما أشيع عن نية رئيس السلطة، محمود عباس، زيارة غزة قريباً، بعدما سبقه إليها رئيس حكومة التوافق وغالبية وزرائها، فإن ذلك لا يتعدى التزام «البروتوكول» المتفق عليه، رغم الخلاف ونبرة التخوين المستمرة!حالة التراشق الإعلامي ظلت مستمرة كحدث يومي اعتيادي في ظل غياب أفق لمستقبل غزة أو مشروع التحرير، ولم يبق في جديد الحديث إلا تعديل وزاري مرتقب في «التوافق» دون إشارة «فتح» إلى أي مشاورات مع «حماس» التي توافقت معها على تشكيل هذه الحكومة في حزيران الماضي.

تطور جديد يأتي بينما نقلت مصادر عديدة توصل «فتح» و«حماس» إلى اتفاق مبدئي بشأن دمج الموظفين المدنيين في وزارتي الصحة والتعليم أولاً، وذلك عبر اللجنة التي شكلت عقب زيارة رئيس الوزراء رامي الحمدالله لغزة، نهاية الشهر الماضي. وتتكون هذه اللجنة من ممثلين عن «التوافق» (منهم نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو، ووزيرا العمل والأشغال مأمون أبو شهلا ومفيد الحساينة)، وعن «حماس» زياد الظاظا وغازي حمد، وشخصيات أخرى.
الخلاف متواصل على مصير الموظفين ومقترح بدمج وزارتين أولاً

أبو شهلا أكد لـ«الأخبار» توصل اللجنة إلى مسودة اتفاق بعد سلسلة اجتماعات عقدت في غزة تضمنت مقترحاً لحل قضيتي «المعابر مقابل الموظفين»، مشيراً إلى رفع هذه المسودة إلى عباس للنظر فيها واتخاذ قرار بشأنها. وقال: «المسودة تخضع للمناقشات بين الحكومة وحماس، وهي تحوي مقترحات بشأن دمج موظفي غزة، وتحديداً في وزارتي الصحة والتعليم، كخطوة أولى مقابل تسليم المعابر للحكومة وعودة عدد ممن جلسوا في بيوتهم أثناء حكم حماس، من موظفي رام الله، إلى مناصبهم». وبشأن المعابر أوضح الوزير أن «التوافق» ستتولى إدارة المعابر لجهة الأمن والإدارة والجمارك «على أن يتسلم ثلاثة آلاف عنصر من حرس الرئاسة مهمة تولّي الإشراف على المعابر».
في المقابل، لا تزال «حماس» تصرّ على أنها تنتظر الرد على تلك المسودة بعد تأجيل متكرر، في ظل استغرابها رفض قيادات في «فتح» زيارة عباس لغزة. يقول القيادي في الحركة، زياد الظاظا، لـ«الأخبار»، إنّ «حماس توصلت مع الحكومة إلى إيجاد حلول في قضية الموظفين الذين لا يزيد عددهم في غزة على 37 ألفاً وأقل من 700 مدير من الفئات العليا، بينما يزيد عدد موظفي السلطة على 180 ألفاً».
أما عن تسليم المعابر، فأكدّ الظاظا الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء في حكومة غزة السابقة، أن تسليم «حماس» للمعابر سيكون ضمن رزمة اتفاق، مشيراً إلى وجود اتفاق مع السلطة حول ذلك، وفيه «وجود موظفين مستنكفين (رام الله) في إدارة المعابر بالتزامن مع وجود أمن يتبع لغزة خارجها... في معبر رفح ثمة اتفاق خاص لإدارته بصورة مشتركة».
بعد ذلك، انتقل الظاظا إلى إبداء اهتمام «حماس» بنتائج المباحثات مع الوفد السويسري الذي قدم إلى غزة، لافتاً إلى أنه تم التوصل مع السويسريين إلى حلول بشأن الاعتراضات التي أبدتها الحركة على شروط «السلامة الأمنية لموظفي غزة»، ووضع خطة زمنية لعملية الدمج.
وشدد في الوقت نفسه على رفض «حماس» عودة أي «مستنكف» دون دفع رواتب «الموظفين الشرعيين» في غزة، لكنه طمأن إلى أن القضايا العالقة المختلف عليها «لا يمكن أن تصل إلى تفجير العلاقة بين الحركتين».
وبالعودة إلى التعديل الوزاري، كشف القيادي في «فتح»، يحيى رباح، عن وجود مشاورات داخل حركته بشأن إجراء تعديل وزاري في حكومة التوافق التي يقترب عمرها من عام. يضيف لـ«الأخبار»: «سنتواصل مع حماس ضمن المباحثات لتخفيف الأعباء على كاهل الوزارء الحاليين، وبما يضمن توزيع وزارة لكل وزير كي يستطيع أداء مهماته».
هنا، تتوقع مصادر إضافة ثلاث وزارات جديدة في التعديل، من بينها حقيبتان قد تسندان إلى غزة، لكنها نفت أن يكون هناك توجه لإقالة أيّ من الوزراء الحاليين. المصادر تقول إن الحديث عن التعديل الوزاري بدأ بعد العدوان الأخير على غزة، ولكن الظروف لم تكن ناضجة آنذاك.
على هذا ردّ القيادي في «حماس»، إسماعيل رضوان، بالقول إن «أي حديث عن تعديل أو تمديد لحكومة الوحدة الوطنية يحتاج إلى توافق فلسطيني، لأنه وفق اتفاق القاهرة فإن مدة الحكومة ستة أشهر». ورجّح رضوان «احتمالية التوجه إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية».
وفي الوسط السياسي، لا يساور المتابعين سوى التشاؤم تجاه هذه التصريحات، إذ يقول الأستاذ في جامعة النجاح، عبد الستار قاسم، إنه بالاستناد إلى التجارب السابقة بين الفصيلين، فإن ما يجري الآن «مضيعة للوقت وهرب إلى الأمام». كذلك توقع قاسم أن يؤدي الإخفاق في حل أزمة الموظفين إلى تفجير المصالحة كلياً وانهيار اتفاق الشاطئ.
خالفه في ذلك المحلل السياسي هاني حبيب الذي توقع أن يصل الطرفان إلى اتفاق بسبب حاجة كل منهما إليه، وذلك على اعتبار أن «الظروف السياسية التي دفعتهما إلى اتفاق الشاطئ لا تزال قائمة».