صنعاء | منذ اليوم الأول للعدوان على اليمن، خرجت تظاهرات حاشدة في العديد من المدن والمحافظات اليمنية بالرغم من القصف الذي لم يتوقف منذ 7 أيام. وحّد العدوان اليمنيين الذين وضعوا خلافاتهم جانباً ليعبّروا عن رفضهم «العدوان السعودي الأميركي» على بلادهم. يوم أمس، هتف المتظاهرون مطالبين «أنصار الله» بالردّ، مؤكدين منحهم «تفويضاً شعبياً» لزعيم الجماعة «عبد الملك الحوثي»، لاتخاذ هذا القرار.
التظاهرات التي شهدتها كل من صنعاء، صعدة، تعز، إب، حجة، ذمار، يريم، الحُديدة وعمران وغيرها من المدن، جاءت تلبيةً لدعوة أطلقتها «اللجنة الثورية العليا» التي تدير شؤون السلطة حالياً في صنعاء. واستطاع التحرّك السلمي الذي عبرت عنه التظاهرات والمسيرات، إيصال رسائل داخلية وخارجية تردّ على العدوان. في هذا السياق علّق الرئيس الدوري لتكتل «اللقاء المشترك» ورئيس المكتب التنفيذي لحزب الحق في محافظة تعز، محفوظ جنيد، على دعوة «اللجنة الثورية» بالقول: «كان منتظراً منها أن تدعو إلى الردّ عبر جبهات المواجهة»، مستدركاً بأن اللجنة العليا «لها اعتباراتها السياسية وقد تكون قصرت، لكن في الأخير القرار يعود لها».
وكانت التظاهرات قد خرجت ببيان يندد بالعدوان ويتوعد بالرد، خلُص إلى إرسال خمس رسائل إلى الخارج، أولها إدانة العدوان، استمرار التعبئة لمواجهة العدوان بكل الوسائل، ثم استمرار التصدي للجماعات التكفيرية، فضلاً عن إدانة الصمت على المجازر البشعة التي ارتكبها العدوان، وأخيراً دعوة الشرفاء في العالم إلى إدانة العدوان وكسر الحصار الذي تفرضه السعودية على أبناء اليمن. وطالب البيان المنظمات الدولية والهيئات الإنسانية والحقوقية بتحمل مسؤوليتها تجاه هذا العدوان غير المبرر والعمل ‏على إيقافه فوراً وتقديم الدعم العاجل للشعب اليمني. الزخم الجماهيري الذي شهدته صنعاء وصعدة وحجة وذمار ليس جديداً، غير أنه هذه المرة يأتي بشكل مختلف، نظراً إلى خروج مئات الآلاف إلى الساحات حاملين أسلحتهم ملوّحين بالردّ على العدوان، ويهتفون بالتفويض لزعيم «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، باتخاذ قرار الرد الحاسم. ويرى مراقبون أن الجديد هو ما شهدته محافظة تعز التي كانت حتى وقتٍ قريب إحدى أهم المدن المعارضة لـ«أنصار الله». فالحشود الكبيرة التي خرجت في تعز للتنديد بالعدوان يوم أمس، غير مسبوقة مقابل وقفة لم تتجاوز العشرات نظمها حزب «الاصلاح» (الإخوان)، خرجت في المدينة نفسها، تحمل صور ملك السعودية وهاتفةً «بالكيماوي يا سلمان»، في دعوةٍ للسعودية إلى استخدام السلاح الكيميائي ضد اليمن. وقال محفوظ الجنيد في هذا الصدد: «هؤلاء الذين خرجوا يهتفون للعدوان، كانوا أوراقاً خفية لأجندات سابقة ولم يتغير في مواقفهم شيء»، علماً بأن مواقف الكثيرين تغيرت اليوم، خصوصاً بعد استهداف العمليات العسكرية المنشآت والبنى التحتية للبلاد، بحسب تعبيره.

شهدت تظاهرات «الإصلاح» هتافات تدعو السعودية إلى استخدام السلاح الكيميائي
وكان ناشطون اشتراكيون وناصريون عبر «فايسبوك»، قد أكدوا أن العدوان يجب أن يواجه أولاً، قبل أي حديث عن اختلاف مع «أنصار الله» أو مع غيرهم، داعين إلى ضرورة الخروج إلى المشاركة في تلك التظاهرات، وهو ما أكده بدوره الجنيد حين قال إن الجماهير خرجت من كل المكونات، والكثيرين راجعوا مواقفهم السابقة من «أنصار الله» بعدما شاهدوا العدوان على المنشآت المدنية، مشيراً إلى كثيرين سكتوا في البداية لأنهم كانوا يتوقعون أن الضربة ستكون ضد «أنصار الله» فعلاً. وأضاف الجنيد: «لكنهم فوجئوا بتوجه الضرب على المنشآت الحيوية والمصانع والأبرياء»، لافتاً إلى أن الجماهير عبرت عن شوقها لمعركة الردّ وأعلنت تفويضها للسيد عبد الملك من الجماهير ليعلن قرار الرد الحاسم، بحسب قوله.
كذلك، أشاد بعض عمال وموظفي مصانع ومؤسسات عدن بالتعامل الإيجابي من قبل «اللجان الشعبية» التي دخلت عدن أخيراً. وقال أحدهم في رسالة إلى الناشط اليساري، بشير عثمان، وهو من أبرز معارضي «أنصار الله»، إن أفراد الجماعة هزمونا بأخلاقهم، فهم صرفوا لنا رواتبنا رغم أننا نقاتل ضدهم، واستطاعوا أن يوفروا مبالغ من ميزانية الدولة رغم الوضع الاقتصادي والأمني، فيما كانت حكومة هادي تهدد بقطع الرواتب قبل 21 من أيلول، رغم استمرار المساعدات واستقرار الأوضع.
وفي سياق متصل، تستمر محافظات يمنية، خصوصاً الشمالية، في التحشيد والتعبئة لمعركة متوقعة مع قوات السعودية وتحالفها، حيث أكد مصدر في لجان الحشد، أن عدد المتقدمين للمشاركة في الحشد العسكري الشعبي لمواجهة السعودية كبير جداً، وقال المصدر: «لدينا قوة بشرية وتفاعل جماهيري يكفيان للوصول إلى الرياض»، مشيراً إلى أن الاستعدادات للمواجهة البرية مع أي عدوان برّي جاهزة ومنتظرة قرار البدء، وأضاف المصدر أن الشعب اليمني لم يتفاعل بهذا المستوى من قبل، سواء على مستوى الدعم المادي أو البشري الذي لا يزال في تزايد يوماً إثر آخر.
يأتي ذلك في وقتٍ يستمر فيه العدوان على اليمن وعلى القرى والمدن الحدودية التي تتعرض للقصف المدفعي والصاروخي وللغارات الجوية من قبل السعودية. وفيما يتساءل محللون عن سر صمت زعيم أنصار الله، يرى آخرون أن «أنصار الله» لايريدون أن يقعوا في فخ الرد الانفعالي الذي قد تكون نتيجته سلبية وقد يعود بأثر سلبي، وهو ما يؤكده المصدر حيث يقول: «لم نعتد من السيد عبد الملك قراراً خاطئاً، كما لم نعتد منه أن يدع الاعتداءات تمر من دون انتقام».