يواصل المعلقون الإسرائيليون، التعبير عن الموقف الإسرائيلي من التطورات السياسية والأمنية التي يشهدها اليمن، في ظل امتناع رسمي إسرائيلي حتى الآن عن التعليق. مع ذلك، فإن لدى المعلقين الإسرائيليين الكثير من المعطيات التي تسمح لهم بتحديد دقيق لمصلحة الدولة العبرية، سواء استناداً إلى مواقف أطلقها مسؤولون إسرائيليون في مناسبات متعددة، أو إلى ما هو معروف من تقديرات وتوصيات لدى المؤسسة الأمنية.
وما زال الإطار الحاكم للمقاربة الإسرائيلية إزاء تطورات اليمن، هو الأكثر حضوراً في تعليقات ومواقف المعلقين الإسرائيليين. ففي الوقت الذي يغيب عن تحليلاتهم التركيز في الأبعاد الداخلية المتصلة بالساحة اليمنية وما يعانيه هذا الشعب من ظلم يطاول واقعه السياسي والأمني والاجتماعي، لا ترى إسرائيل سوى الأبعاد المتصلة بمحور المقاومة وموقف «أنصار الله»، الذين يتزعمهم عبد الملك الحوثي، من إسرائيل ومن الولايات المتحدة وحلفائهم في المنطقة.
ترى إسرائيل في التطورات الحاصلة فرصة تسمح لها بنسج تحالفات استراتيجية في مقابل التهديد المشترك

وعلى هذه الخلفية أكد معلقون إسرائيليون أن «على إسرائيل أن تقلق وخاصة أننا قد نكون أمام نسخة من حزب الله في اليمن».
ضمن هذا الإطار، رأى المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت آحرونوت»، اليكس فيشمان، أن إسرائيل «وجدت نفسها مرة أخرى في الجانب نفسه من المتراس الذي تقف فيه الدول العربية السنية المعتدلة» في إشارة إلى السعودية وبقية دول الخليج. وينطوي هذا التعبير أيضاً على أن إسرائيل سبقت ووجدت نفسها إلى جانب هذه الدول في ساحات أخرى، مثل سوريا ولبنان والعراق. لكن فيشمان أوضح أن المصلحة المشتركة لإسرائيل، ولدول الخليج لا يجري ترجمتها عملياً، وإسرائيل لا يمكنها ترجمتها من أجل تعزيز مكانتها الإقليمية.
مع ذلك، ترى إسرائيل، كما يشير فيشمان، في التطور اليمني فرصة إضافية لقطف ثمار استراتيجية حيوية لأمن إسرائيل، وخاصة أنه سبق لبنيامين نتنياهو، ولعدد آخر من المسؤولين الرسميين، أن رأوا في التطورات التي تشهدها المنطقة العربية فرصة لإسرائيل تسمح لها بنسج تحالفات استراتيجية في مقابل التهديد المشترك، المتمثل بإيران وبقية محور المقاومة.
ومن المعطيات التي عكست المقاربة الإسرائيلية للحدث اليمني، وعرضها اليكس فيشمان أيضاً، التعليمات التي صدرت عن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بعد سيطرة «انصار الله» على مناطق واسعة من الأراضي اليمنية، للسفن التجارية الإسرائيلية بوجوب التعاطي مع الشاطئ اليمني كشاطئ دولة معادية. وأضاف بأن «لهذا التحذير آثار على مسارات الإبحار ومستوى التأهب والحراسة للسفن الإسرائيلية التي تجتاز مضائق باب المندب وتدخل البحر الاحمر».
وأوضح المعلق العسكري للصحيفة أن «السيطرة الإيرانية على اليمن تعد من ناحية إسرائيل، مساً محتملاً بالابحار خلال الأزمات». ولفت إلى أنهم «منذ الآن يتحدثون في إسرائيل عن خيار نصب صواريخ أرض ـ بحر على الشواطئ اليمنية، بما يؤدي إلى المس بمسار حيوي لإسرائيل من الشرق».
وقارن فيشمان بين هذا التهديد المحتمل والتهديد الذي تمثّله صواريخ أرض ـ بحر، انطلاقاً من الشواطئ اللبنانية والسورية، على حركة الابحار نحو الموانئ الإسرائيلية، حيفا وفي مستقبل غير بعيد على ميناء أسدود أيضاً.
وأضاف فيشمان إن تعزيز سيطرة «أنصار الله» في اليمن سيؤدي إلى تعزيز المحور الراديكالي الذي يهدد إسرائيل، مشيراً إلى أن هذا الوضع سيجعل اليمن نقطة انطلاق أفضل لتهريب السلاح من إيران إلى قطاع غزة.
من جهته، رأى معلق الشؤون العربية في التلفزيون الإسرائيلي، ايهود يعري، أن «على إسرائيل أن تكون أول القلقين من الأحداث في اليمن»، مشيراً إلى أن «ما نراه هو حركة تعد نسخة يمنية من حزب الله».
ولفت يعيري إلى أن «أنصار الله» يهتفون في تجمعاتهم بشعار «الموت لإسرائيل».
ويحضر في هذا السياق الرهان الإسرائيلي على أن تؤدي الغارات على اليمن إلى تبديد القلق الإسرائيلي الناتج عن سيطرة «أنصار الله»، وحول ذلك رأى يعري أيضاً، «اذا استمر الوضع على ما هو عليه فنحن على بعد أيام قليلة أو ساعات قبل أن تتحول اليمن إلى دولة موالية لإيران عبر الحوثيين».