بعد تراجعها في الريف الشمالي الغربي لمحافظة درعا، المتصل بمحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ردّت جماعات المعارضة المسلحة بهجوم عنيف على مدينة بصرى الشام، في أقصى الجنوب الشرقي لدرعا، غير بعيد عن الحدود الأردنية، وعلى تخوم محافظة السويداء السورية. وبعد هجمات عنيفة استمرت خمسة أيام، تمكن مسلحو المعارضة من التقدم في المدينة، بعد توغلهم مساء أمس في حيّها الغربي الجنوبي، علماً بأنهم كانوا يسيطرون على أحيائها الشمالية منذ النصف الثاني لعام 2012.
واستقدم المسلحون تعزيزات كبيرة من الأردن ومن باقي مدن وقرى محافظة درعا، ليشنوا هجمات أدت إلى تراجع الجيش والقوى الرديفة له في المدينة. وطوال يوم أمس، نزح آلاف المدنيين من بصرى الشام، العاصمة التاريخية للغساسنة، نحو قرى السويداء. وأكدت مصادر ميدانية لـ"الأخبار" أن معارك الأيام الخمسة أدت إلى استشهاد عشرات الجنود والمدنيين في المدينة، في مقابل مقتل أكثر من 100 مسلح من المهاجمين. ولفتت المصادر إلى أن المسلحين استخدموا تقنيات سمحت لهم بالتشويش على الاتصالات في المدينة خلال الأيام الماضية. وفي حال تمكن المسلحون من السيطرة على مدينة بصرى الشام، فإن كامل الريف الجنوبي الشرقي لدرعا، المتاخم لغربي محافظة السويداء وجنوبها، يكون قد خضع لسيطرة مسلحي "جبهة النصرة" وحلفائهم.
هذا في الجنوب. أما في الشمال، وبعد خمسة أيام من قصف أحياء مدينة إدلب (شمالي سوريا)، أعلنت "جبهة النصرة" وحلفاؤها بدء "غزو" المدينة. تقدّموا في ريفها القريب، وأشاعوا أخباراً عن تمكنهم من دخول أحيائها. لكن المرصد السوري المعارض نفى ذلك، مؤكداً أن الاشتباكات تركّزت خارج حدود المدينة. المصادر الميدانية تتحدّث عن معركة شرسة افتتحها المسلحون بهجمات انتحارية نفّذ اثنتين منها مقاتلان أجنبيان. "جبهة النصرة" كانت قد شكّلت مع "أحرار الشام" و"جند الأقصى" و"جيش السنّة" و"فيلق الشام" و"صقور الشام" و"لواء الحق" و"أجناد الشام" إدارة موحدة للعمليات تحت مسمى "جيش الفتح"، معلنة بدء "غزوة إدلب" بهدف "تحرير المدينة (...) خلال الايام القادمة". مهّدت لذلك بقصف عنيف استمر 5 أيام لأحياء المدينة، أوقع عشرات المدنيين شهداء وجرحى. تريد "النصرة" إخراج الدولة السورية من محافظة إدلب، لكي يستقر لها إعلان إمارتها في الشمال السوري. لكن حامية إدلب صمدت في وجه الهجوم العنيف الذي بدأ أمس، بحسب ما أكّدت مصادر ميدانية لـ"الأخبار". سيطر المسلحون على حاجزين للجيش على مقربة من مداخل المدينة التي أدى قصف المسلحين عليها إلى اندلاع حريق ضخم في معمل الغزل فيها. واستمرت الموجة الاولى من الهجوم نحو 8 ساعات، استخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة. وقالت وكالة "سانا" الرسمية للأنباء إن الجيش تصدى لهجوم الجماعات الإرهابية، وأوقع فيهم خسائر في العتاد والارواح. قوات الجيش حاولت تعزيز دفاعاتها على بقية حواجز المدينة منعاً من سقوطها، بعد معلومات عن إعداد المسلحين لهجوم جديد مع فجر اليوم. وقالت مصادر ميدانية إن خسائر المدينة من مدنيين وعسكرين بلغت نحو 30 شهيداً وعشرات الجرحى أمس، فيما اعترفت مصادر المسلحين بسقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوفهم.
وفي الريفين الشرقي والشمالي لمحافظة حمص (وسط سوريا)، اندلعت أمس مواجهات واسعة بين الجيش السوري ومقاتلي «داعش». فبعد إحباطها هجوم مقاتلي التنظيم على سد الرستن شمالي المحافظة، استهدفت وحدات الجيش تجمعات «داعش» وتحركاته في بلدات عنق الهوى ورحوم في الريف الشرقي. وفيما صدَّ الجيش إحدى محاولات التنظيم للتسلل من مسعدة إلى قرية المسعودية مجبراً إياه على التراجع، نشبت مواجهات عنيفة بين الجيش والتنظيم في محيط جبل شاعر وحقل جزل النفطي.
وفي ريف دمشق، أصيب عددٌ من المدنيين بجروح طفيفة جراء سقوط ثلاث قذائف هاون على كورنيش الأوسكار في مدينة جرمانا.