القاهرة | رغم أن ولاية الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، تنتهي منتصف 2016، إلا أن تحركات مصرية على المستوى الدبلوماسي بدأت لترشيح خليفة للعربي الذي يرغب في الاستقالة من منصبه قريباً بسبب ما يعتبره «ضغوطاً» يصعب عليه التعامل معها، في ظل الانقسام العربي الحاد بشأن قضايا مصيرية. ويقول البعض إنّ «العربي يشعر بأنه فشل في مهمته».
ويتردد أن العربي يتعرض لضغوط، إعلامية، من أجل عدم استكمال ولايته في الأمانة العامة للجامعة، من بينها إثارة أزمة رواتب العاملين في المنظمة، بالإضافة إلى تهميش الجامعة في المحافل الدولية وتصاعد الخلافات في وجهات النظر بين الدول الأعضاء في ما يتعلق بقضايا مصيرية، من بينها التصدي للإرهاب وحل الأزمة السورية.
وطرحت مصر، رسمياً، عن طريق الأمانة العامة للجامعة العربية اسم آخر وزير خارجية في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، أحمد أبو الغيط، كمرشح مصري لخلافة العربي، وذلك استناداً إلى «مصرية» منصب الأمين العام منذ تأسيس الجامعة العربية. لكن الترشيح المصري قد يواجه باعتراضات داخلية مصرية وخارجية عربية.
ومعروف أن أبو الغيط، الذي شغل منصب وزير الخارجية المصري لمدة 7 سنوات خلال حكم مبارك، يحظى باحترام عربي وثقة من القادة والمسؤولين الخليجيين وقد خرج من الوزارة عقب ثورة 25 يناير. التحفظات الداخلية ستكون باعتباره أحد رموز نظام مبارك الذين لا يجب عودتهم إلى المشهد السياسي مرة أخرى، وخاصة بعدما شارك في تشويه صورة الثوار قبل تنحّي الرئيس الأسبق عبر التعليمات التي أرسلت إلى السفارات المصرية لتؤكد على أن الشباب الذي يطالب بإسقاط النظام ممول من الخارج ويسعى إلى خلق الفوضي، مبرراً التدخل الأمني العنيف في الأيام الأولى من قوات الشرطة.
لكن هذه الانتقادات ربما لن يكون لها تأثير على القرار السياسي المصري، ليس فقط لاستيعاب النظام الحالي عدداً من رجال نظام مبارك السابقين ولكن لأن خلفيات القرار وتبعته معروفة قبل طرح اسم ابو الغيط، ما يعني أن النظام المصري تخطى مرحلة النظر للانتقادات الداخلية لترشيح أبو الغيط داعماً له في تولي المنصب الجديد.
تبقى الاعتراضات العربية هي الخطر الأكبر على استمرار مصرية المنصب خلال الفترة المقبلة، وخاصة أن الجزائر سبق أن طرحت في اجتماعات الأمانة العامة قبل انتخاب العربي دورية منصب الأمين العام وعدم قصره على المصريين، بل إن قطر دفعت بالقطري عبد الرحمن العطية، الأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي، لينافس المرشح المصري مصطفى الفقي قبل أن تستجيب مصر لضغوط الدوحة وتسحب الفقي ويتم التوافق على اختيار وزير الخارجية المصري نبيل العربي لمنصب الأمين العام.
وتحدثت تقارير صحافية، لم تؤكدها أو تنفها الخارجية المصرية، عن سعي السعودية لترشيح سفير الرياض في القاهرة أحمد القطان لتولي منصب الأمين العام، فيما يتوقع استمرار التحفظ الجزائري على مصرية المنصب وكذلك تحفظ الدوحة بحسب مصادر دبلوماسية في الخارجية المصرية تحدثت لـ"الأخبار" عن سعي وزير الخارجية المصري سامح شكري لتحقيق توافق عربي على المرشح المصري.
من جهته، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق ومسؤول ملف العلاقات الخارجية في التيار الشعبي السفير معصوم المرزوق إن أي مرشح مصري لمنصب الأمين العام للجامعة العربية سيواجه باعتراضات عربية ما لم يستمر الدكتور نبيل العربي في منصبه، مؤكداً أن اقتراح دورية منصب الأمين العام سيعود إلى الأفق مرة أخرى، لا من قطر فقط ولكن من عدة دول عربية. وأضاف لـ"الأخبار" هناك «خلافات تكون في الجلسات الدبلوماسية لا يتم الكشف عنها، وخاصة مع دول تسعى إلى إضافة تعقيدات لعمل الجامعة العربية»، مشدداً على أن «الحل لتجنب الأزمة في الوقت الحالي هو استمرار العربي في منصبه نظراً إلى الثقة التي يتمتع بها من الدول العربية».
وحول اختيار أبو الغيط، رغم اعتباره من رموز نظام مبارك، قال المرزوق إن الوزير المصري الأسبق «أحد أفضل الدبلوماسيين المتميزين، لكنه لا يتوقع أن يكون متحمساً للمنصب»، مشيراً إلي أنه «سيلقى ترحيباً في الأوساط الدبلوماسية العربية نظراً إلى علاقته الجيدة معهم، فضلاً عن خبرته الطويلة في مجال القضايا العربية».