بدأ الأمن المصري بشن عددٍ من «الضربات» الاستباقية في ذكرى «25 يناير»، ضد عدد من السياسيين المعارضين للنظام الحالي. وشهد الأسبوع الماضي حملة من الاعتقالات لعدد من الشبّان، وإغلاق عددٍ من المكتبات والمقاهي الكائنة وسط العاصمة، فضلاً عن تهديدات غير مباشرة لقيادات حزبية من أرقامٍ غير معروفة.
آخر هذه الحملات، كان القبض، فجر أمس، على الناشط خالد الأنصاري، أحد أعضاء حزب «العيش والحرية» (تحت التأسيس)، وهو ما كشف عنه الحزب في تدوينة على صفحته الرسمية، على «الفيسبوك». وأكّدت قيادات الحزب أن القبض على الأنصاري سببه «غير معلوم»، مشيرةً إلى أنه موجود حالياً في قسم «بولاق الدكرور».
وسبقت هذه الخطوة قيام الأمن بالقبض على 6 شباب، 3 منهم أعضاء في «حركة 6 أبريل»، وعلى آخرين بسبب منشوراتهم المعادية للنظام الحالي، على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً «الفيسبوك».
وحمل الاتهام الموجّه إلى أعضاء «6 أبريل»، «التظاهر دون تصريح وتعليق لافتةٍ مناهضة للحكم وإطلاق ألعاب نارية، في خلال الأيام الماضية». وأعلنت صفحة «6 أبريل»، على «الفيسبوك»، أن «اثنين من المقبوض عليهم اقتُحم منزلهما في القاهرة، دون إذن نيابة أو أوامر ضبط وإحضار»، وذلك في إطار حملات «زوّار الليل» على عدد من منازل أعضاء الحركة.
واتّهمت الحركة، التي يوجد معظم قياداتها داخل السجون الآن، النظام الحاكم بأنه «يحاول تصفية الكيانات المنحازة إلى الشعب، والتي تكشف أكاذيبه وفساده ووجهه القبيح، وتقف أمام نظام يفرّط في ثروات البلاد، وينحاز إلى رجال الأعمال ويطحن الفقراء».
وأكّدت الحركة أنها لن تستسلم، وستصعّد بكل الطرق السلمية، مع استمرارها في مقاومة الفساد والاستبداد، حتى تحقيق أهداف الثورة والإفراج عن كافة المعتقلين.
يُذكر أن حكماً قضائياً صدر بحظر حركة «6 أبريل» في 28 نيسان، من العام الجاري، بعد أن كانت من أبرز الداعمين لتظاهرات «30 يونيو 2013»، التي مهّدت لإطاحة محمد مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين.
في غضون ذلك، قال القيادي في التيار الشعبي المصري، السفير معصوم مرزوق، لـ«الأخبار» إنه تلقى تهديداً من رقم «خاص». وأضاف مرزوق أن المتّصل قال له: «جهزوا العيش والحلاوة»، مذيلاً عبارته بألفاظ نابية. وعقّب على الواقع بالقول: «هذا هو أقصى ما يستطيعه نظام جبان».
وفي السياق، يشهد وسط القاهرة، استنفاراً أمنياً، يزداد مع العد التنازلي لإحياء الذكرى الخامسة لثورة «25 يناير»، ما دفع الأجهزة الأمنية من مختلف الاختصاصات إلى إغلاق عدد من المقاهي ودهم بعض دور النشر وساحات المعارض الفنية في المنطقة.
وأعلن مدير «دار ميريت للنشر»، محمد هاشم، دهم «مباحث المصنفات» لمقر داره، أمس، الكائن في شارع صبري أبو علم، بدعوى بيعها كتباً ليس لها أرقام إيداع، بالإضافة إلى القبض على أحد العاملين في الدار بتهمة إدارة ندوات سياسية.
وقال هاشم لـ«الأخبار» إن «المباحث دهمت مقرّه دون توجيه اتهامات واضحة»، خصوصاً أن القوة الأمنية فحصت الكتب ولم تعثر على شيء. وأضاف: «أنّا أدرك أنها هذه كلها ضربات استباقية من الأمن لتخوّفهم من تظاهرات إحياء ذكرى 25 يناير».
بدورها، تقود «شرطة المصنفات الفنية» حملات أمنية، وامتدت حتى مسرحي «روابط» و«جاليرى تاون هاوس»، مساء الاثنين، اللذين يقعان بالقرب من شارع «شامبليون» الشهير، وسط العاصمة، حيث تشتهر هذه الأماكن باستضافة الحفلات الفنية، لفرق موسيقية وبعض العروض المسرحية.
وأجبرت القوى الأمنية على مدار الأيام الماضية، بعض المقاهي على الإغلاق مبكراً تمهيداً لإغلاقها تدريجاً حتى موعد إحياء «الذكرى الخامسة»، خشية من التجمعات الشبابية في المناطق القريبة من ميدان التحرير، بحسب عدد من عمال المقاهي في «شامبليون».
أما الأحزاب السياسية، والمؤيدة للنظام الحالي، فلم يعقّب أيّ من نوابها على الحملات الأمنية، إذ التزموا الصمت، فيما أصدر عدد من الإعلاميين والحقوقيين والسياسيين من حزبي «الدستور» و«التيار الشعبي» (تحت التأسيس)، بياناً أدانوا فيه «الحملة التي تشنها أجهزة الأمن على شباب ثورة 25 يناير، وحالات القبض الأخيرة التي طاولت العشرات من الشباب». وطالب موقّعو البيان بوقف هذه الحملات التي وصفوها بـ«الظالمة»، فوراً والإفراج عن كل الشباب الذين قبضت عليهم القوى الأمنية، دون جريمة، إضافةً إلى سجناء «الرأي والتظاهر».
واتهم البيان النظام الحاكم بأنه «يواصل السياسات نفسها التي قامت ضدها الثورة، بمصادرة الحريات، ومنع التعددية»، بالإضافة إلى تحكّم الجهاز الأمني في «كل صغيرة وكبيرة». ورأى البيان «أن كل المتابعين لنظام حكم الرئيس السيسي يدركون تماماً أن نظامه قائم على تقييد الحريات والقمع، ورفض الحريات العامة، ومنع التظاهر، وحبس النشطاء السياسيين، ومصادرة المجال العام».
بالتوازي، أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس، عن «تفهمه لقلق المصريين بخصوص أزمة سد النهضة»، الإثيوبي، مؤكّداً «حرصه على مصالح الإثيوبيين مثل الشعب المصري». وفي خطاب تلفزيوني، عقب تدشين مشروع زراعي لاستصلاح «مليون فدان» في مدينة الفرافرة، غربي البلاد، تطرّق السيسي إلى أزمة «السّد»، قائلاً: «أنا (متفهم قلق) المصريين لأن المياه حياة أو موت».
وأضاف في أول تعليق له بعد اتفاقيات الخرطوم: «(نحن فقط) نتعامل (مثل) ما اتفقنا مع أشقائنا ـ الإثيوبيين ـ من الأول، وهم (يريدون أن) يعيشوا زي ما إحنا عاوزين نعيش، و(لا بد) نحقق المصالح المشتركة بيننا».
ويهدف المشروع إلى زيادة المساحة الزراعية بمقدار 20 بالمئة، لتصل إلى 9.5 ملايين «فدان» في الأعوام القليلة المقبلة. وتعتبر الحكومة أن المشروع يهدف إلى «تضييق الفجوة الغذائية، وزيادة المساحة المأهولة بالسكان»، إذ يعيش أكثر من 90 مليون مصري على نسبة سبعة بالمئة فقط من مساحة مصر الإجمالية، والبالغة نحو مليون كيلومتر مربع.