سيناء | تعاني معظم مناطق شمال سيناء أزمة حادة في المياه، تستمر في بعض الأحيان عدة أسابيع، ما يدفع الأهالي إلى شرائها بينما تظل المياه الجوفية الملاذ الأخير في المناطق النائية والمعزولة، فيما يضطرون إلى شرب المياه المالحة للبقاء على قيد الحياة.هنا في مدينة الشيخ زويد مثلاً، وعلى بعد أمتار من قرية الشلاق، بجانب الطريق الدولي الممتد بين مدينتي العريش ورفح، تستقل أم حسين (85 عاماً) عربة كارو، بصحبة أحفادها وما تيسر من «جراكن» مياه الشرب.

لا تجد أم حسين مياهاً صالحة في القرية، ولا تستطيع شراء حمولة عربة مياه بـ 200 جنيه، ونتيجة لذلك «أذهب أنا وأحفادي لجلب المياه الرخيصة من ماسورة المياه الآتية من النيل، والمارة بموازاة الشارع الرئيسي».
محمد رشدي من أهالي المنطقة يوضح لـ «الأخبار» أن انقطاع المياه يستمر أحياناً لأكثر من شهر، لافتاً إلى أن المياه مقطوعة عن منازلهم منذ نحو أسبوعين متواصلين.
وعلى بعد 35 كيلو متراً، شرقي العريش، يتكرر مشهد عربات الكارو المحملة بجراكن المياه، تسير على جانبي الطريق، لبيع حمولتها في قرى الشيخ زويد، حيث العربات المصدر الوحيد لري ظمأ الأهالي هناك.
يطالب سلامة سليم من سكان قرية الشلاق، بحل الأزمة سريعاً، ويضيف «نشرب المياه المالحة، التي لا تستطيع الطيور ولا الحيوانات شربها».
في مدينة الشيخ زويد الساحلية، تتحول عربة الكارو إلى جرار زراعي يوزع حصص المياه على الأهالي في منازلهم.
انقطاع المياه حمّل الأهالي أعباء اقتصادية جديدة، إضافة إلى الأعباء التي يرزحون تحتها. أهالي المناطق المقطوعة من المياه يضطرون لشراء جركن المياه الواحد بجنيه بعد تعبئتها من آبار جوفية على ساحل البحر المتوسط، تُحفر بجهود الأهالي لاستخدامها في الزراعة.
سلمان عيد من قرية أبوطويلة، اشتكى من عدم التزام الشركة القابضة لمياه الشرب توصيل المياه إلى المنازل، ما يدفع الأهالي إلى تكبد مصاريف إضافية، تدفع لسائقي السيارات كنوع من الرشوة للالتزام بتوصيل حصص منتظمة من المياه شهرياً لمنازلهم، يجري تخزينها في آبار منزلية، موضحاً أن سعر حمولة السيارة الواحدة يصل إلى 200 جنيه، فيما قيمة ما تحمله لا يتعدى 70 جنيهاً.
وتكتوي شمال سيناء بلهيب الأزمات اليومية ما بين خدمات متردية وأوضاع أمنية منفلتة، في ظل استمرار أعمال الاحتجاج اليومي في شمال سيناء نظراً لانقطاع المياه المتكرر عن المدن والقرى. ويقوم اهالي الشيخ زويد والعريش ورفح بإشعال النيران وإغلاق الطرق للتعبير عن غضبهم لعدم تحرك المسؤولين واستجابتهم لشكواهم من جراء انقطاع مياه الشرب.
ودعت القوى السياسية والثورية والشعبية في شمال سيناء لخروج مسيره مساء الجمعة المقبلة من مسجد النصر بعد صلاة العشاء حتى مجلس المدينة ثم الدخول في اعتصام مفتوح احتجاجاً على انقطاع المياه، منذرين بثورة جديدة ضد العطش.
من جانبه، قال محافظ شمال سيناء، اللواء عبد الفتاح حرحور، لـ «الأخبار» إن «أزمة المياه في المدينة ستحل يوم الاثنين المقبل بعد تشغيل محطة تحلية المياه في ساحل البحر التي توفر 5 آلاف متر مكعب من المياه الصالحة للشرب يومياً، وستُضخّ لمدينتي الشيخ زويد ورفح».
كذلك، لا يختلف المشهد في وسط سيناء عن شمالها. حسين سليم من قرية الصابحة التابعة لمركز القسيمة يكشف في حديث لـ «الأخبار» أن المياه لم تصل القرية منذ اسبوعين، في ظل تجاهل الشركة القابضة لشكوى الأهالي المستمرة، لافتاً إلى أن أهالي القرية يعوضون القليل من احتياجاتهم من آبار خاصة بتجميع مياه الأمطار تسمى «الهرابة»، وهي غرف تُبنى على خط المياه الآتي من غرب قناة السويس لتزويد مدينة العريش وخاصة الفنادق ومصانع الاسمنت المياه العذبة.
كذلك يعاني أهالي مناطق الحدود في سيناء أزمة انقطاع المياه، دون إنجاز حلول نهائية للأزمة بل على العكس تفاقمت الأزمة نظراً لكثرة التعديات على أنبوب توصيل مياه النيل وغياب الرقابة الأمنية على خطوط المياه، التي تصل فقط للفنادق وجامعة سيناء الخاصة، حيث تتوافر المياه العذبة داخل الحمامات في فنادق العريش، فيما لا يجد الأهالي مياه الشرب في مدن الحدود الشمالية في سيناء.