أعربت إسرائيل أمس، من خلال إعلامها ومراسليها العسكريين، عن خشيتها من تجددالمعارك في جنوبي سوريا، ونجاح الجيش السوري وحلفائه في استعادة السيطرة الكاملة على المنطقة الحدودية الجنوبية. ونقل المراسلون العسكريون أن التقديرات الاسرائيلية ترى أن المعارك في جنوبي سوريا ستتجدّد قريباً، «وربما في الاسبوع المقبل»، وستكون تل أبيب أمام امتحان جدي من نوع آخر: فهل تكتفي بمشاهدة ما يحصل، أم تعمل على منع حزب الله وإيران من السيطرة على كامل المنطقة الحدودية مع سوريا، وفتح جبهة جديدة ضدها تضاف الى الجبهة اللبنانية؟

وأشار معلق الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، الى أن الحسم في سوريا غير وارد حالياً لأي من الأطراف المشتركة في الحرب، «والعام الاخير يشهد على ذلك، إذ تميز بشلل متبادل بين المتحاربين. لكن من وجهة نظر إسرائيل، فإن هذا الشلل متوافق جداً مع مصالحها، فلا هي ترغب في عودة الجيش السوري الى سابق عهده، بعد أن كان قبل سنوات هو العدو الاكثر إزعاجاً للجيش الاسرائيلي، ولا هي ترغب في سيطرة المتطرفين على كامل الاراضي السورية، لأنهم في المدى البعيد هم أطراف يصعب التنبّؤ بأفعالهم».
من ناحية إسرائيل، تضيف الصحيفة، فإن إمكان سقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد، بات أمراً من الماضي ولم يعد ممكناً، الا في حالة واحدة فقط، وهي «اغتيال الاسد»، بل إن «تغيير النظام ورئيسه لم يعد أولوية أو حاجة ملحة لدى الغرب، بعد أن اكتشف الجميع أن أعداءه ليسوا أقل وحشية وهمجية منه، بل إنهم يتباهون بوحشيتهم وهمجيتهم». وتضمن هذه الحقيقة على تل أبيب أن توازن بين أفعالها وتطلعاتها، و«قد يكون استمرار القتال في سوريا، كما يحدث في الاشهر الاخيرة، هو أهون الشرور بالنسبة إلى إسرائيل، من بين مجموعة من الخيارات البغيضة». وتلفت الصحيفة الى أن ما يقلق إسرائيل في الآونة الاخيرة هو التطورات الميدانية في جنوبي سوريا، بعد الهجومين الاخيرين للجيش السوري وحزب الله على معاقل المعارضة المسلحة بالقرب من الحدود، و«صحيح أن الجنود السوريين والآلاف من حزب الله لم يهاجموا المتمردين بزخم كاف واكتفوا حتى الان بتقدم بطيء والعمل على نار هادئة، إلا أن حزب الله مصمم على تحصين الوضع الجديد السائد على الحدود السورية واللبنانية، التي يرى فيها خط جبهة مع إسرائيل». من جهة الإيرانيين، تشير «هآرتس»، فإن وجود قوات من الحرس الثوري في الجولان، وأيضاً على الحدود الاسرائيلية مع لبنان، بات حقيقة واقعة ومفروغاً منها، و«إذا كان هناك توجه لدى طهران لإبرام اتفاق مع الغرب بشأن القضية النووية، إلا أن إيران في المقابل وجدت طريقاً لردع إسرائيل عن قرب». وإضافة الى التوصيف الوارد في الصحيفة، كتب معلق الشؤون العسكرية في القناة العاشرة العبرية وصحيفة «معاريف»، ألون بن ديفيد، محذراً من أن «سيطرة حزب الله على الحدود في الجولان ستفتح أمام إسرائيل جبهة جديدة»، في إشارة منه الى معركة الجنوب السوري، المقدر أن تتجدد قريباً بحسب التقديرات الاسرائيلية. وطالب بن ديفيد بإعادة النظر في السياسات الاسرائيلية المتبعة ما وراء الحدود مع سوريا، و«صحيح أن الهجوم الذي يشنه الاسد وحزب الله على المتمردين يتم بشكل بطيء، إلا أنه يثير علامات استفهام حول السياسة الاسرائيلية هناك، إذ باستثناء المساعدة الصامتة لجزء من المتمردين، وأيضاً المساعدة الانسانية (الطبية)، فإن تل أبيب تقف على الحياد وتتمنى لكل الاطراف المتقاتلة أن تنجح في قتالها، «لكن ليس أكيداً أن إسرائيل ستبقى قادرة على الوقوف بلا تدخل وغير مكترثة في الجولان، ففرصة أن يستقر حزب الله وإيران على الحدود تدفع قيادة الجيش إلى معاودة التفكير من جديد، فإما البقاء متفرجين، وإما التدخل في الحرب».
من جهته، كتب محلل الشؤون العسكرية والامنية في موقع «إسرائيل ديفنس»، عامير رابابورت، معلقاً على حادثة إطلاق النار من الاراضي السورية باتجاه إسرائيل قبل أيام، التي أدّت الى إصابة أحد ضباط الجيش بجروح، وحذر، من دون أن يسمّي، من أن أطرافاً في الجانب السوري تصرّ على جرّ إسرائيل الى الحرب الاهلية في هذا البلد. وأضاف أن «الحادثة وقعت في المنطقة الوحيدة التي أوكلت المسؤولية عنها إلى الشرطة الاسرائيلية لا إلى الجيش... إلا أن هذا الحادث قد لا يكون الاخير، فالمعارك العنيفة بين الاطراف المتحاربة على القنيطرة ستشتد في الاسبوع المقبل، كما هي التقديرات، ومن المتوقع أن تصيب شظاياها الجانب الاسرائيلي».