تولى خبراء إسرائيليون أمس التصدي للمهمة التي أعرض عنها عمداً المسؤولون الإيرانيون الأحد في حفل إزاحة الستار عن صاروخ «سومار» الملاحي (cruise)، وهي الكشف عن القدرات التكتيكية لهذا الصاروخ الذي «لا يهدد إسرائيل فقط، بل أوروبا أيضاً».ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» تقريراً حول الصاروخ قالت فيه إنه نسخة عن الصاروخ الملاحي السوفياتي القديم Kh 55 الذي يبلغ مداه 2500 كلم «ويتم إطلاقه من على منصة برية باستخدام محرك صاروخي يعمل لوقت قصير، وبعد أن يفرد أجنحته يتولى محرك نفاث دفعه». وبحسب تقرير الصحيفة الذي يستند إلى آراء خبراء عسكريين، فإن ميزة هذا الصاروخ تكمن في قدرته على التحليق على ارتفاع منخفض يصل إلى 100 متر بحيث يصعب على الرادارات تشخيصه.

ويمكن لصاروخ KH-55 أن يحمل رأساً متفجراً تقليدياً أو نووياً يزن مئات الكيلوغرامات، وتبلغ سرعة تحليقه 800 كلم في الساعة وهو يصيب هدفه بشكل دقيق. ويزن الصاروخ 1.6 طن ويبلغ طوله 6 أمتار. وأشارت «يديعوت» إلى أنه في عام 2001 تم تهريب 12 صاروخاً من طراز Kh 55 من أوكرانيا إلى كل من إيران والصين، كما اعترفت أوكرانيا بذلك عام 2005، وجرى إخضاعها لهندسة عكسية من أجل تصنيعها ذاتياً.
وبحسب خبير الصواريخ الإسرائيلي، تال عنبر، فإن «الإيرانيين أثبتوا في السابق قدراتهم على استنساخ منظومات السلاح وإنتاجها، بحيث إنه يمكن تصديق ادعاءاتهم بأنه بدؤوا بإنتاج الصاروخ الروسي». وفي تصريح لموقع «Israel defense» أكد عنبر الذي يشغل منصب رئيس معهد أبحاث الصواريخ والفضاء في معهد فيشر الإسرائيلي، أن الصاروخ السوفياتي أعدّ في الأصل للإطلاق من القاذفات، ويمتلك الإيرانيون طائرة يمكنها إطلاقه وهي "سوخوي 24"، إلا أن النموذج الذي عرضوه معدّ للإطلاق من البر أو البحر عن طريق مسرّع خاص يعطي الصاروخ قوة اندفاع ابتدائية قبل أن ينفصل عنه».
ورأت «يديعوت» أن الكشف الإيراني عن «سومار» يشكل تغييراً دراماتيكياً في سياسة الجمهورية الإسلامية المتعلقة بالإعلان عن مدى الصواريخ التي تمتلكها: «فطوال الأعوام الماضية، امتنعت إيران عن الإشارة إلى صواريخ يتجاوز مداها 2000 كلم على أساس أن الرسالة التي حاولت إيصالها هي أن الصواريخ التي تصنعها وتتزود بها مهمتها دفاعية وتتعلق بالدفاع عن المصالح الإيرانية الإقليمية. أما مدى 2500 كلم، فهو يغطي دول مختلفة، بما في ذلك دول الناتو، بحيث تصبح، على سبيل المثال، بوخارست وبودابست ووارسو وأثينا وموسكو ضمن مدى الصواريخ الإيرانية. كذلك تصبح كل تركيا ومعظم الأراضي المصرية ضمن قوس التغطية الصاروخية الإيراني».
وأضافت الصحيفة أن «الأمر يتعلق بزيادة مهمة نسبتها 25 في المئة لمدى التغطية والتأثير الصاروخي الإيراني، وإذا أخذنا بعين الاعتبار احتمال أن تُنصب هذه الصواريخ على السفن والغواصات في المستقبل، فسوف نحصل على إعلان قدرة بمستوى عالمي».
ورأت الصحيفة أن «تغطية أوروبا بمدى هذه الصواريخ ستكون لها دلالات في ساحات أخرى، بما فيها ساحة الصراع الأميركي الروسي حول نشر منظومات اعتراض مضادة للصواريخ في أوروبا. فعلى مدى أعوام تتنازع روسيا مع الولايات المتحدة حول هذا الموضوع، وتقول إن الصواريخ الإيرانية لا تهدد الولايات المتحدة وأوروبا، ولذلك فإن الإعلان الإيراني مثير جداً، خصوصاً إذا لم ينسّق مع الروس».
كذلك رأت «يديعوت» أن «الكشف عن منظومة الصواريخ هذه تم بالتأكيد بمصادقة القائد الأعلى علي خامنئي، وفي وقت حساس جداً في المفاوضات النووية بين إيران والغرب، ولذلك فإن هذه الخطوة تنطوي على إشارات ذات دلالة، خصوصاً في ما يتعلق بإعلان الإيرانيين أن مسألة الصواريخ الخاصة بهم غير خاضعة أبداً للتفاوض».
وقال محلل الشؤون العسكرية في القناة الإسرائيلية العاشرة، ألون بن دافيد، إن الرد الإسرائيلي على هذا النوع من الصواريخ لا يزال قيد التطوير و«يأمل الجيش الإسرائيلي أن تحقق قدرة عملياتية أوليّة في آخر السنة الحالية، 2015، وربما في مطلع 2016». والمقصود هو منظومة «العصا السحرية»، المخصصة لاعتراض الصواريخ المتوسطة المدى، بما في ذلك الصواريخ الملاحية، والتي يجري تطويرها في إطار مشروع أميركي إسرائيلي مشترك.
يشار إلى أن منظومة «حيتس» للاعتراض الصاروخي، الموجودة اليوم في حوزة الجيش الإسرائيلي، مخصصة لاعتراض صواريخ بالستية مثل «شهاب 3» الإيراني، التي تنطلق في ارتفاع وسرعة أعلى بكثير من «سومار».
ووفقاً لملاحظات بن دافيد، فإنه «من النظر إلى الصور التي نشروها فإننا نرى أنه صاروخ رأسه الحربي صغير نسبياً، مقارنةً بالنسخة الأصلية الروسية؛ أقل من 200 كيلوغراماً، أي إنه لا يمكنه حمل سلاحٍ نووي. نحن لا نعلم إن كان لديه فعلاً المدى الكامل. كذلك نرى أن لديه أيضاً جهاز استشعار في طرفه، أي إنه صاروخ موجّه عبر الـ«GPS»، ما يجعله أكثر دقة في الاصابة». أضاف المحلل العسكري «هذا الصاروخ بعيد المدى، ولديه دقة إصابة، ليست بمستوى إصابة بيت، لكن دقة بمستوى هامش خطأ يبلغ عشرات الأمتار فقط. وهذا بالنسبة إلى إيران خطوة مهمة جداً تضع سباق التسلح في الشرق الأوسط في مكانٍ جديد». وخلص بن دافيد إلى أن «دخول هذا السلاح الى المنطقة هو أمر مهم بالنسبة إلى إسرائيل، وعليها أن تستعد لمواجهته».
وكان وزير الدفاع الإيراني، حسين دهقان، قال خلال حفل تدشين «سومار» إنه يتميز عمّا سبقه بخصائص في أنظمة التحكم والقوة الدافعة، الأمر الذي يزيد الدقة في التصويب والمدى الذي يستطيع الوصول إليه. يشار إلى أن «سومار» اسم بلدة إيرانية حدودية احتلتها القوات العراقية في الأيام الأولى من الحرب التي شنّتها على إيران عام 1980.

(الأخبار)