الحسكة | لليوم الرابع على التوالي، يشهد محيط بلدة تل تمر مواجهات عنيفة بين مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية و«المجلس العسكري السرياني» و«حرس الخابور» الآشوري من جهة، ومسلّحي «داعش» من جهة أخرى، على خلفية مهاجمة الأخير عشرات القرى الآشورية في الجهة الجنوبية والغربية من البلدة، وأسر المئات من أبنائها وإحراق الكنائس والبيوت في بعضها.
المقاتلون المحليون، وبعدما تمكنوا من صد هجوم «داعش» على بلدة تل تمر، مستفيدين من فيضان نهر الخابور وانقطاع الطرق الفرعية عن البلدة من الجهة الغربية، «تمكنوا من استعادة بلدة الأغيبش المجاورة والبدء بعملية تحرير تل شاميرام»، يقول مصدر محلي لـ«الأخبار». ويضيف: «إلا أن بدء المفاوضات مع شخصيات عشائرية في المناطق التي يسيطر عليها «داعش» لإطلاق سراح الأسرى، أسهم بتخفيف حدة المواجهات في صباح أمس». وأكد المصدر أن «المفاوضات مع العشائر أفلحت في الإفراج عن 24 آشورياً من بلدة تل كوران، بينهم 4 نساء».
في المقابل، أرسل «داعش» في الرقة قافلتين عسكريتين لمساندة مسلّحي التنظيم في محيط تل تمر، إلا أن ذلك لم يغيّر في موازين المواجهة التي امتدت على مساحة واسعة تصل إلى كيلومترات عدة. ويذكر أن «داعش» بات يسيطر على كل المساحة الممتدة من محافظة الرقة وحتى حدود بلدة تل تمر، التي يبلغ طولها نحو 200 كم، ويقيم التنظيم معسكرات في منطقة غرة الملاصقة لجبل عبد العزيز (يبعد نحو 40 كم جنوبي غربي تل تمر)، يدرّب فيها مقاتليه مع أفراد من عشيرة البوشيوخ الذين بايعوه أخيراً.
وفي موازاة ذلك، أجلى المقاتلون المحليون في تل تمر الآلاف من أبناء البلدة والقرى المجاورة إلى مدينتي الحسكة والقامشلي. فراق البلدة كان قاسياً على أبنائها، وخصوصاً الآشوريين الذين عاشوا في تلك المنطقة من آلاف السنين. تقول آجّي، السيدة الستينية الآشوريّة، التي نزحت إلى إحدى المطرانيات في الحسكة، لـ«الأخبار»: «يريدون تهجيرنا وطمس هويتنا وإجبارنا على ترك حاضرتنا التاريخية تل تمر. لن نتركها وسنعود». فيما يروي أكاد، المقاتل في «حرس الخابور»، الفصيل العسكري الآشوري في البلدة، الذي وصل للتو ناجياً من جبهة تل هرمز بعد سقوطها بيد «داعش»: «في الرابعة فجراً باغتتنا عشرات السيارات التابعة لداعش، لهجتهم وأشكالهم كانت غريبة، هم بالتأكيد غير سوريين». يضيف: «قاومنا لساعات، لكن أعدادهم كانت هائلة، واستشهد ثلاثة من رفاقنا».
أما في ما يتعلق بالأسرى من أبناء القومية الآشورية، فأكد المطران مار أفرام أثنيل، مطران الكنيسة الآشورية المشرقية في سوريا، لـ«الأخبار» أن «أكثر من 298 من أهلنا فقدوا، منهم 82 في قرية تل جزيرة حيث أحرقت منازلهم بالكامل، فيما فجّر المسلحون كنيسة تل هرمز التاريخية». وبيّن المطران أن «أهالي 33 قرية آشورية هُجروا بنحو كامل، وأن أكثر من ألف شخص وصلوا إلى الكنيسة في مدينة الحسكة، وبينما قصد آخرون القامشلي والدرباسية». وناشد المطران «المنظمات الإنسانية والدولية إنقاذ المختطفين وإعادتهم إلى ذويهم». وأمام كنيسة الآشوريين في حي تل حجر في مدينة الحسكة تجمّع أمس العشرات من أهالي الحسكة لتقديم المعونات العاجلة للنازحين من تل تمر، في وقت واصلت فيه شاحنات الهلال الأحمر السوري والمنظمات الإغاثية والأهلية نقل المساعدات إلى المنكوبين.
وفي تل حميس، في الريف الجنوبي للقامشلي، سيطرت «وحدات حماية الشعب» على 23 قرية جديدة في محيط البلدة، وباتت على بعد أقل من 2 كم من المدينة، وذلك إثر القصف العنيف لطيران «التحالف» على المنطقة بغارات عدّة. كذلك قطعت «الوحدات» طريقاً رئيسياً يربط تل حميس بالهول، وهي بلدة تقع على بعد كيلومترات من الحدود العراقية، يستخدمها تنظيم «داعش» كطريق إمداد. وقال بيان صادر عن المركز الإعلامي لـ«وحدات الحماية»: «حررت وحدات حماية الشعب 23 قرية في محيط بلدة تل حميس، وقتلت نحو 40 مرتزقاً». وأشار البيان إلى «التحاق 14 من مقاتلينا و2 من قوات الأسايش بقافلة الشهداء في كل من تل حميس وتل تمر»، فيما قال «المرصد السوري» المعارض: «لقي ما لا يقل عن 132 عنصراً من تنظيم الدولة الإسلامية مصرعهم منذ الحادي والعشرين من شهر شباط الجاري، إثر قصف لطائرات التحالف العربي – الدولي واشتباكات مع وحدات حماية الشعب الكردي وجيش الصناديد في ريف بلدة تل حميس». وفي ريف عين العرب سيطرت «الوحدات» على قرى كون عفتار وجلبية وبيادية، وذلك بالتزامن مع نفي مصادر إعلامية كردية ما نشرته وسائل إعلام تركية عن إنزال الجيش التركي علم «وحدات حماية الشعب» في قرية آشمة الواقعة غربي عين العرب، التي نقل إليها ضريح سليمان شاه منذ أربعة أيام.