ليس من الصعوبة توقع أصداء الرسالة العاجلة، التي وجهها أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي إلى الرئيس باراك اوباما، بشأن ضرورة رفع مستوى المساعدات الأميركية لإسرائيل، وخاصة أنها شملت أعضاء من الحزبين «الديموقراطي» و«الجمهوري». ويتوقع أن تساهم الرسالة في تعزيز رهانات رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، على إمكانية انتزاع المزيد من التنازلات من إدارة أوباما استنادا إلى حاجة الأخيرة إلى إنجاز من هذا النوع على ضوء الانتخابات الرئاسية المقبلة.
برغم أن الرسالة لم تحدد سقفا محددا للمساعدات الأميركية المفترضة لإسرائيل، لكنها توحي بمطالبة البيت الأبيض بالاقتراب أكثر نحو الرقم الذي تطالب به تل أبيب، وخاصة أنها أتت بعدما رفعت إدارة أوباما الرقم المقترح من 3 إلى 3,7 مليارات دولار في السنة. في المقابل، تطالب إسرائيل بأن تصل المساعدات إلى 4 ــ 4,5 مليارات دولار. وكان واضحا أن الرسالة تستند إلى المنطق الإسرائيلي نفسه في تبرير الزيادة، وربطها بـ«التحديات الأمنية الكبيرة التي تواجهها إسرائيل.... نحن مُستعدون لدعم اتفاق طويل الأمد يزيد بشكل كبير حجم الدعم ويُساعد على منح إسرائيل الموارد التي تحتاجها للدفاع عن نفسها والحفاظ على تفوقها العسكري».
ويتساوق ذلك مع تأصيل تل أبيب، التي تبرر موقفها بضرورة المحافظة على التفوق النوعي، انسجاما مع الالتزامات الأميركية تجاه الأمن القومي الإسرائيلي، وتحديدا بعد الاتفاق النووي الإيراني وسباق التسلح الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط، مع الإشارة إلى أن المساعدة الأميركية السنوية تمثل أكثر من 20% من الموازنة الأمنية الإسرائيلية.
الرسالة الأميركية تأتي لتؤكد لنتنياهو فعالية ضغوطه ورهاناته، في محاولة انتزاع مزيد من التنازلات من أوباما. ويبدو أن الأول يراهن على حاجة «الديموقراطي» إلى إنجاز الاتفاق من أجل توظيفه في الانتخابات الرئاسية في مواجهة «الجمهوري»، الذي يتهم إدارة أوباما بعدم تقديم الدعم الكافي لإسرائيل.
على هذه الخلفية، يسود نوع من التقديرات في الساحة الإسرائيلية بأن نتنياهو يراهن على بلوغ التنافس الانتخابي مرحلة الذروة من أجل قطف الثمار المالية عبر الحصول على مساعدات أكبر مما تعرضه الولايات المتحدة، التي رفعت النسبة عما كان سابقاً. وفي المقابل، هناك من يعتقد في إسرائيل بأن إدارة أوباما كانت على استعداد لتقديم مساعدات أكبر، لولا الدور الذي أداه نتنياهو في مواجهة الاتفاق النووي، وصولا إلى الخطاب الذي ألقاه في الكونغرس السنة الماضية.
في كل الأحوال، يتردد بعض الاستنتاجات في إسرائيل حول إمكانية التوصل إلى اتفاق ما بهذا الخصوص مع اقتراب موعد الانتخابات، أو على الأقل «اتفاق اطار» يسمح للحكومات المقبلة بزيادة المساعدة الأمنية بما يتلاءم مع مسار التطورات. ووفق بعض التقارير فقد كان متوقعا توقيع الاتفاق في آذار الماضي، لكن نتنياهو ألغى زيارته إلى واشنطن آنذاك، استنادا إلى الرهان على الابتزاز. ونتيجة عزم نتنياهو على الرمي بثقله في هذه القضية، فهو يشرف مباشرة على المفاوضات، عبر «هيئة الأمن القومي» التي تتبع له مباشرة، بعدما كانت تجرى في الماضي بين واشنطن وتل أبيب، عبر وزارة الأمن، لكل من البلدين.
يُذكر أن إسرائيل تلقت خلال العقد الماضي مساعدة سنوية من الإدارة الأميركية بقيمة نحو ثلاثة مليارات دولار، وفق اتفاق مع إدارة جورج بوش بدأ تنفيذه في 2008، وينتهي مفعوله في نهاية 2017، وتكون إسرائيل تلقت بموجبه خلال هذه الفترة نحو 30 مليار دولار، مع زيادة 50 مليونا عن كل سنة، كتعويض عن تراجع قيمة الدولار.