الجزائر | تتجه الأنظار إلى الجزائر يوم غد الذي يشهد تحركات لكل من السلطة والمعارضة، وذلك في محاولة كل طرف توجيه رسائله السياسية، عبر إبراز حضوره في الشارع. السلطة تريد، من جهتها، تأكيد قوتها ومتانة النظام القائم برغم كل التحديات التي تواجهه، في مقابل معارضة حشدت لتوجيه رسائل سياسية إلى النظام، ليس أقلها طلب قبول إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية مسبقة.
ووجد الطرفان في ذكرى تأميم المحروقات، المصادف 24 شباط، يوماً لتأكيد حضورهما في الشارع. فأحزاب المعارضة، في «تنسيقية الحريات والتغيير الديموقراطي»، دعت منذ أسبوع تقريباً إلى الحشد في وقفات ومسيرات قالت إنها «تضامنية مع سكان الجنوب» الذين يواصلون احتجاجاتهم ضد مشاريع استغلال الغاز الصخري. لكن، ضمنياً، تمثّل الدعوة خطوة لتخويف السلطة وكسر الحظر المفروض على المسيرات في العاصمة (تم إقراره في التسعينيات).
مع ذلك، يرى المراقبون أن المعارضة تحاول استغلال ما يحدث في الجنوب لجس نبض الشارع ومعرفة مدى استيعابه للمطالب من جهة، وتخويف السلطة، من جهة أخرى.
وضعت الأجهزة الأمنية خططا مسبقة لحماية تحرك المعارضة منعاً لأي حادث

في المقابل، سارعت الحكومة إلى احتواء خطوة المعارضة، فأعلنت زيارات مرتقبة لرئيس الحكومة، عبد المالك سلال، إلى بعض مناطق البلاد من أجل الاحتفال بالذكرى الـ44 لتأميم المحروقات.
وتزامن إعلان زيارة سلال مع اتهامات وتحذيرات من أحزاب السلطة للمعارضة، خرجت أبرزها على لسان عبد القادر بن صالح، وهو زعيم حزب «التجمع الوطني الديموقراطي»، أكبر شريك للحزب الحاكم.
بن صالح شدد على أن أي مبادرة لا يمكنها أن تنجح بعيداً عن رعاية المؤسسات الشرعية للدولة، وما لم تتولّ هي الإشراف عليها بنفسها، في إشارة صريحة إلى رفض مطالب المعارضة.
في خضم هذه الدعوات، خرج الرئيس، عبدالعزيز بوتفليقة، عن صمته موجها رسالة إلى الشعب الجزائري في مناسبة ذكرى يوم الشهيد (18 شباط)، رد فيها على مطالب المعارضة.
وقال بوتفليقة، في رسالته، إنه ينبغي للشباب أن لا يغتروا بالأصوات المشككة في مكاسب بلده وإنجازاته سابقاً ولاحقاً، وأن لا ينساقوا «خلف الأوهام تحت أي طائل أيديولوجي أو عقائدي أو سياسي»، في إشارة واضحة إلى تصريحات المعارضة. ولفت إلى أن معركة الشباب الحقيقية هي «مع التخلف ومواجهة التقلبات والمتغيرات العنيفة التي تضرب أجزاء كثيرة من العالم اليوم».
في غضون ذلك، تدرك المعارضة، التي نجحت بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة في تشكيل تكتل كبير شمل أكثر من 20 حزبا وشخصيات سياسية من رؤساء حكومات ووزراء سابقين، أن نجاحها في حشد الشارع الجزائري سيكون ورقة قوة في يدها، تضغط بها على السلطة حتى توافق على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية مسبقة.
وأكد جيلالي سفيان، وهو أحد أقطاب المعارضة ورئيس حزب «جيل جديد»، أن السلطة ليس لديها النية في التحرك للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد. وأضاف في حديث إلى «الأخبار»، إنه «حتى لو فكرت السلطة في تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة وحدها دون إشراك المعارضة، فإن ذلك لن يحقق التغيير المنشود».
من جهة أخرى، أوضح القيادي في جبهة «العدالة والتنمية»، لْخضر بن خلاف، أن «المعارضة تناضل من أجل انتخابات نزيهة وشفافة تحترم فيها إرادة الشعب».
كذلك، شدد ممثل حركة «النهضة» المعارضة، محمد حديبي، على أن الوقفة التي دعت إليها المعارضة ليست سياسية، ولا ترفع أي مطالب حزبية، بل تعبر عن دعم «مطالب الشعب الجزائري ككل وليس الجنوب فقط».
ودعا حديبي، في حديث مع «الأخبار»، الجميع إلى عدم الانجرار وراء أطروحات السلطة، مؤكداً أن «السلطة تعمل على التشويش وتفرقة الجزائريين، مثلما فرقت المعارضة لأكثر من نصف قرن».
أما القيادي في «اللجنة الشعبية لمناهضة مشروع استغلال الغاز الصخري»، محاد قاسم، فحذر من محاولة استغلال قضية الجنوب سياسياً. وأشار، لـ«الأخبار»، إلى أن «السكان في الجنوب يحتاجون من يدعمهم في قضيتهم وليس إلى خطاب سياسي»، مبرزاً أنهم يرحبون بالوقفة التضامنية التي دعت إليها المعارضة، لكن بعيداً عن السياسة.
ومع اقتراب موعد الوقفات والمسيرات، علمت «الأخبار» من مصادر أمنية أنه تم وضع مخطط استباقي لمواجهة أي انزلاق أمني. وذكرت المصادر أن «مصالح الأمن جندت عناصر كثيفة لحماية وقفات المعارضة، خاصة بعد ورود معلومات تفيد باستعداد بعضهم لاستغلال المسيرات والوقفات من أجل زرع الفوضى والخراب، في محاولة لتأجيج الوضع».