وليد رضا*

"لنا ما لنا يا صاحبي.. ولنا أن نكون كما نريد، أبناء مجد وحرية"..
وأنا أيضاً سأبدأ من حيث انتهى الزميلان في الأسبوع الفائت. فقد تراسل أحمد أبو شعير وأيهم السهلي في زاوية "رسائل صبابة وحنظلة" هنا، وتناولا أن الفلسطيني بات كالهنود الحمر، وأنا هنا أعقّب عليهما:
مجد وحرية أضعناهما عمداً بأيدينا، بفعل تجهيل أنفسنا وتغريب قضيتنا، فبتنا نشيّع تاريخنا ومستقبلنا..

لسنا هنوداً حمراً، بل نمل أبيض يراد لنا أن نداس بأرجل المحتل ونحن صامتون، كـ"تماثيل حرية لا ترد التحية".
للأسف، لم يعد شعارنا الكبار يموتون والصغار يرثون عشق الوطن رداً على بن غوريون وشعاره "الكبار يموتون والصغار ينسون"..
وطن غاب أو غيّب عن ذاكرة الكثيرين من الشباب الفلسطينيين في مخيمات لبنان، قد يردّ أحدهم قائلاً إن هذا الكلام غير صحيح، أو على أحسن تقدير مبالغ فيه، فمن ينسى صور أطفال غزة تذبحهم سكاكين الاحتلال، ومن ينسى كيف تقطع أوصال الضفة الغربية وكيف تطمس الهوية في القدس، وكيف وكيف وكيف؟؟؟

"وأسقط في النهر أعرف أعود إلى قلب أمي لتدخل، يا سيد البيض، عصرك"...
عصر سيد البيض ألقى بظله الثقيل السمج على عقول الأجيال.. فلم تعد هذه العقول تدري شيئاً عن القضية والنضال، لا تعرف عن الكتابين التلمود وبلفور، ولا أوسلو وكنهه ولا الخط الأخضر يعني لها شيئاً، لا تعي كيف يطلب من المستعرب قتل الفلسطيني بخمس رصاصات لأن أربعاً لا تكفي لموته، وكيف تنسل أصابع المحتل بين أبناء جلدتهم هناك في البعيد لتعبث بأمنهم وأرواحهم وتبدد شملهم.
نسوا أنهم متغربون، بالجسم يحيون غربتهم وفي وطن الجدود لهم جنان..
يا رفيقي يقول محمود درويش: "ههنا انتصر الغرباء على الملح، واختلط البحر في الغيم، وانتصر الغرباء على قشرة القمح فينا، هنا انتحر الصقر غماً، هنا انتصر الغرباء علينا، ولم يبق شيء لنا في الزمان الجديد".
هل يدري هؤلاء أن هذا الانتصار مؤدلج، أسّس له الاحتلال وأعوانه لمحو القضية الأساس.. فمناهج تاريخ فلسطين وجغرافيتها ألغيت من مدارس وكالة الغوث، كما أنها غائبة لأسباب غير مَرَضية في المدارس العربية، اللهم إلا عند من بقي في ضمائرهم ذرة من كرامة وإنسانية..
يا رفيقي، كفى جهلاً وكفى نكئاً للجراح، لا تجربة الهنود الحمر ترجع وطناً لا يزال يسرق.. ولا فائدة من التعويل على القيادات..
الوقت وقت الشعوب. ويا أصدقاء: من لا يعرف تاريخه لا ينتصر على عدوه. اسالوا التاريخ.

*إعلامي لبناني