خلص بحث أجراه مسؤولون في «معهد بحوث الإعلام الشرق أوسطي» إلى أنّ طهران تتموضع علناً على الحدود مع إسرائيل في الجولان السوري. واستند البحث إلى رصدٍ وتتبع للتقارير والمواد المنشورة في الإعلام الإيراني والعربي، حيث عمل الباحثون على جمعها بنحو منهجي، ومن ثم على تحليل مضامينها واستتناج خلاصات منها.
والمعهد المذكور، المشهور بالأحرف الإنكليزية المختصرة MEMRI، هو مؤسسة يموّلها اللوبي الصهيوني الأميركي وتتخذ من واشنطن مقراً لها وتعنى برصد الإعلام الناطق باللغات العربية والتركية والفارسية والأردية. ويتمحور عمل المعهد حول تتبع المواد الإعلامية التي تدين الثقافة العربية والإسلامية وتقدمها في قالب معاد للسامية وللحضارة الغربية والقيم الإنسانية.
وفي البحث الذي نشره المعهد قبل أيام يستنتج المعدون أنّ إيران تستعد مع قواتها في الجانب السوري من الجبهة الشمالية لإسرائيل، على بعد كيلومترات معدودة عن الحدود، «الأمر الذي يوجد جبهة قتال موحدة ضد إسرائيل من قبل حزب الله وإيران وسوريا».
ويعرض البحث الذي كتبه رئيس المعهد، يغآل كرمون، تصريحات لمسؤولين من حزب الله وإيران وسوريا ومقالات تحليلية في بعض الصحف العربية. ويتوصل من خلال هذا العرض إلى خلاصات مفادها أن إيران «بَنَت في الجولان منظمة مسلحة جديدة اسمها حزب الله ــ سوريا، مهمتها ليست فقط ردع إسرائيل عن العمل العسكري ضد البرنامج النووي الإيراني، وإنما أيضاً إيجاد جبهة إرهابية جديدة من الجولان السوري وحتى رأس الناقورة تقوم على الخطاب السياسي للنظام الإيراني الداعي إلى إبادة إسرائيل». كذلك يسلط البحث الضوء على تصريحات لمسؤولين إيرانيين ومن حزب الله حول ضرورة تسليح «المنظمات الإرهابية الفلسطينية» في الضفة الغربية كما سلحت إيران في الماضي كلاً من حماس والجهاد الإسلامي في غزة.
وبحسب معدو البحث، فإنه منذ عام 2013 «تثبّت إيران وجوداً استراتيجياً في الجولان، بداية بشكل سري من طريق مقارّ وقواعد تدريب للميليشيات المقاتلة ضد المعارضين لنظام (الرئيس بشار) الأسد، ولاحقاً بشكل علني من طريق ضباط ومقاتلين تابعين للحرس الثوري الإيراني الذي يعمل بحرية مع حزب الله ضد إسرائيل في خرقٍ للقرار 1701 ومسعى لتغيير الوضع القائم بين إسرائيل وسوريا منذ اتفاق فصل القوات لعام 1974». وذكّر الباحثون بتصريح لقائد الحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري أخيراً قال فيه «إن حدود إيران والثورة الإسلامية اليوم توسعت ولم تعد تدافع عن الدولة من حدودها، وإنما نقف راسخين ونحارب حلفاء الولايات المتحدة على مسافة كيلومترات كثيرة من إيران». كذلك استحضر الباحثون تصريحاً آخر للمسؤول في الحرس الثوري، حسن همداني، قال فيه إنه بحسب المشروع الإيراني، فإن مقارّ الجولان السوري يجب أن تتضمن 130 ألف مقاتل من الباسيج المدربين الذين من المتوقع أن يدخلوا إلى سوريا استعداداً للمواجهة المستقبلية مع النظام الصهيوني.
وفي السياق نفسه، رأت صحيفة «هآرتس» أمس أنّ الجبهة الشمالية لإسرائيل في الجولان السوري هي إحدى الجبهات الثلاث المرشحة للتصعيد خلال عام 2015، إلى جانب جبهتي الضفة الغربية وغزة. ورأى محلل الشؤون العسكرية في الصحيفة، عاموس هآرئيل، أنّ إيران تبني ذراعاً لها في الجانب غير المحتل من الجولان السوري، وأن حزب الله يحتفظ بنحو 2000 مقاتل في هذه المنطقة، كذلك فيها أيضاً «منظمات إرهابية، مثل جبهة النصرة... التي قد تعمل على تسخين الوضع مع إسرائيل».
وإذ رأى الكاتب أن ثمة ردعاً متبادلاً قائماً على الجبهة الشمالية عموماً، بين إسرائيل من جهة، ومحور إيران سوريا حزب الله من جهة ثانية، قال إن هذا الردع من شأنه أن يجعل إسرائيل تتردد في قصف شحنات الأسلحة التي تُنقَل من سوريا إلى حزب الله كما فعلت في الماضي. وأشار هارئيل إلى أنّ التقديرات في إسرائيل ترى أنها لا مصلحة لدى المحور المذكور بالدخول في حرب مع تل أبيب في الوقت الراهن، إلا أنه استدرك بالقول إنه «ليس مؤكداً أن الاستخبارات الإسرائيلية تقرأ بالضرورة بشكل صحيح نيات العدو».
(الأخبار)