على الرغم من وصف تقرير مراقب الدولة بالخطير، لكونه انطوى على فضائح تتصل بإنفاق الثنائي نتنياهو ـ سارة أموالاً طائلة على حساب موازنة الدولة في مقر إقامتهما ومنازلهما منذ تولي بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة عام 2009، إلا أن أهمية التقرير تبقى في مفاعيله الانتخابية والقضائية.في البعد الأول، تتجه الأنظار حول مدى انعكاس هذه الفضيحة على شعبية نتنياهو في استطلاعات الرأي وحضوره في خلفية الناخب يوم فتح صناديق الاقتراع، لتحديد وجهة تصويته. والثاني، حول موقف المستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشطاين، وما إن كان سيأمر بفتح أو عدم فتح تحقيق جنائي ضد رئيس الحكومة.

في المقابل، شكك معلقون في الساحة الإسرائيلية في أن يطيح مثل هذا التقرير فرص إعادة انتخاب نتنياهو، رئيساً للحكومة المقبلة، خاصة أن المسار الحكومي سيتحدد في ضوء الثقل الشعبي لمعسكر اليمين الذي لم يطرح منافساً حتى الآن لنتنياهو كمرشح لرئاسة الحكومة. أضف إلى أن هناك العديد من العوامل المؤثرة في بلورة موقف الناخب الإسرائيلي.
ومن جهة أخرى تزخر الأيام المقبلة بأحداث من نوع آخر، يتوقع أن تحتل صدارة الاهتمام الجماهيري، من قبيل خطاب نتنياهو أمام الكونغرس، ومآل الأزمة القائمة بينه وبين الإدارة الأميركية.
يشار إلى أن شعبية نتنياهو لم تتأثر بشكل ملحوظ، بفعل الحملة التي شنها خصومه على خلفية اتهامه بالأزمة القائمة مع الإدارة الأميركية. في المقابل، يراهن نتنياهو على أن يبدو كزعيم لا يساوم على أمن إسرائيل وشعبها، حتى لو سبّب الأمر أزمة مع البيت الأبيض، على أمل أن ينعكس ذلك في صناديق الاقتراع.
إلى ذلك، ما زال حزب الليكود برئاسة نتنياهو، حتى اليوم، القوة الأولى في الكنيست كما تبيّن أغلب استطلاعات الرأي. وبحسب نتائج آخر الاستطلاعات، قبل إعلان مضمون تقرير مراقب الدولة، ما زال يرى 51% من الناخبين الإسرائيليين في نتنياهو الشخصية الأنسب لرئاسة الحكومة، فيما يتوقع 67% من الناخبين أن يكون هو فعلاً الرئيس المقبل للحكومة.
أما على المستوى القضائي، فالأمر محصور بيد المستشار القضائي للحكومة، وهو خيار تدخل فيه مجموعة من العوامل، وإلى جانب البعد المهني تحضر أيضاً العلاقة بينه وبين نتنياهو. وفي هذا المجال توحي السوابق بوجود قدر من التساهل من فاينشطاين إزاء نتنياهو.
يُشار إلى أن تقرير مراقب الدولة كشف عن أنّ نفقات مسكن رئيس الحكومة ومنزله الشخصي تجاوزت بمئات الآلاف الميزانية المخصّصة للملابس، الماكياج، خدمات التنظيف، الطعام، وخدمات أخرى. كذلك كُشف عن اتصالات تعاقدية غير سليمة مع مقدّمي الخدمة. وكانت نفقات مسكن رئيس الحكومة في كلّ ما يتعلّق بالملابس والماكياج 2،5 أضعاف المبلغ المسموح به. ورأى مراقب الدولة أن «هذه النفقات مبالَغ بها بشكل كبير ولا تتلاءم مع مدّة الإقامة في المسكن الخاص».
ومما ورد في التقرير أيضاً، أن ديوان رئيس الحكومة موّل دعوة كهربائي للمنزل الخاصّ لرئيس الحكومة في مدينة قيصاريا خلال يوم الغفران، وهو عيد يهودي يُحظر فيه القيام بأي عمل. وقد وجد المراقب أنه خلال ثلاثة أشهر تمّت دعوة الكهربائي إلى المسكن في نهاية كلّ أسبوع تقريباً، بما في ذلك يوم الغفران. وقد حصل كمقابل في تلك الأشهر الثلاثة على مبلغ 10،500 شاقل، وهو عبارة عن 70% من المبلغ المخصّص له في عام كامل.
وقد وجد المراقب أن دعوة الكهربائي قد تمّت من قبل زوجة رئيس الحكومة أو أن مساعداتها هنّ من دعوْنَه.
ووُجد أيضاً أن نتنياهو قد تهرّب من دفع شخصي لفاتورة الماء المبالَغ بها والمفروضة على مسكنه الشخصي بسبب الإسراف في استهلاك المياه، وأن موظّفي مكتبه قد حرصوا على تغطية هذا الدّين من ميزانية الدولة.
وبهدف احتواء مفاعيل التقرير، شعبياً، أورد مكتب رئيس الحكومة أن نتنياهو «يحترم توصيات تقرير المراقب بخصوص جميع الموضوعات التي فُحصت. وقد نُفِّذ جزء كبير من توصيات التقرير قبل كتابته، ورئيس الحكومة أمر بتنفيذ التوصيات الشاملة بكفاءة وعلى النحو الأمثل». ولفت أيضاً تبرير ديوان رئيس الحكومة بالقول «إنه ينبغي مقارنة نفقات مسكن رئيس الحكومة بنفقات الهيئات الأخرى في إسرائيل» في إشارة إلى أن التبذير الذي يُمارس في مسكن رئيس الحكومة ليس محصوراً بأسرة نتنياهو فحسب.