القاهرة | واصلت القاهرة طوال أمس التنسيق على المستوى الدولي للتدخل في ليبيا من أجل الحد من قدرات تنظيم «داعش» هناك وتدمير الأسلحة التي يمتلكها، تواصلاً للرد المصري على قتل التنظيم 21 قبطياً قبل أيام، وفي أعقاب غارات جوية ينفذها سلاح الطيران المصري على مواقع هناك.
الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن أن الضربات الجوية جاءت رداً على قتل المصريين، مشيراً إلى أن ليبيا صارت وكراً وملاذاً للإرهابيين، ما يستدعي وفق قوله «التدخل الدولي بالتنسيق مع الحكومة الليبية من أجل القضاء على الميليشات التي تحاول فرض قوانينها». وقال السيسي، في حوار مع إذاعة أوروبا 1 أمس، إن التحديات الأمنية في المنطقة تحتاج «معدات متقدمة وقادرة على الوصول إلى مناطق لا يمكن الوصول إليها بالمعدات الحالية»، مؤكداً أنه فضل التسليح الفرنسي المتطور جداً «الذي يمكن الاعتماد عليه»، في إشارة إلى صفقة طائرات «رافال» التي وقعتها القاهرة وباريس. واستدرك بأنّ من المهم «الأخذ في الاعتبار أهمية أن يكون الشعب الليبي راضياً وأن تستدعينا الحكومة الليبية (القاهرة تعترف بحكومة عبد الله الثني) للعمل على بسط الاستقرار».
خطف 35 عاملاً مصرياً آخرين في ظل تضارب الأنباء عن مصير الصيادين

في هذا الإطار، اجتمع وزير الدفاع المصري مع نظيره الفرنسي، أمس، في لقاء مطول في مقر وزارة الدفاع المصرية لبحث «آليات التنسيق بين البلدين في حال تكوين تحالف دولي لشنّ عمليات عسكرية في ليبيا»، بالإضافة إلى «إمكانية التعاون في توريد أسلحة فرنسية أخرى إلى مصر خلال المرحلة المقبلة بعد الصفقة الناجحة للطائرات الفرنسية».
على الناحية السياسية، يواصل وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مباحثاته في نيوريوك مع مندوبي وسفراء الأردن ودول الخليج، باستثناء قطر، داخل أروقة الأمم المتحدة، لوضع استراتيجية للتحرك العسكري المشترك ضد «داعش» قبيل عقد مجلس الأمن جلسة بهذا الخصوص، مع أن مصادر أفادت «الأخبار» بأن القاهرة لم تبلور أي صيغة نهائية للمطالب التي ستعرض في الجلسة (اليوم). وأوضح شكري في تصريح لشبكة cnn الأميركية أن الاستهداف الجوي لمدينة درنة الليبية جاء بناءً على معلومات وتقارير قدمتها أجهزة الأمن المصرية واستهدفت أماكن مهمة للتنظيم الإرهابي، في تلميح إلى ما قيل عن سقوط ضحايا مدنيين.
كذلك تستمر وزارتا الخارجية والدفاع في إجراء اتصالات رسمية مع الجهات المعنية في عدد من دول الجوار الليبي، منها الجزائر، وتونس، والمغرب، وصولاً إلى تشاد وإيطاليا، للتباحث في التطورات الأخيرة. ومن المقرر أن تقدم الوزارات تقريراً للرئيس خلال الساعات المقبلة يتضمن ردود فعل الدول المختلفة وإمكانات التعاون المشترك لاستهداف «داعش».
وأفيد بأن مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية عقد اجتماعاً موسعاً مع سفراء الدول الأوربية المعتمدين في القاهرة لعرض وجهة نظر مصر تجاه معالجة الأزمة في ليبيا، عبر تكوين تحالف دولي يواجه «إرهاب داعش»، مطالباً بتضامن أوروبي في هذا الإطار. ووفق مصادر رسمية تحدثت لـ«الأخبار»، فإن الهدف الأساسي من التعاون الدولي «محاولة تحجيم الإرهابيين في ليبيا بعد المعاناة التي واجهتها مصر خلال السنوات الماضية نتيجة تهريب كميات كبيرة من الأسلحة عبر الحدود».
المصادر تحدثت عن رغبة مصرية حقيقية في «تدمير مخازن السلاح التي يمتلكها داعش ومنعه من التوسع، ولكن من دون أن يكون هناك تدخل مباشر على الأرض لما قد يسببه من خسائر»، مشيرة إلى أن هناك تنسيقاً مع «الحكومة الليبية المنتخبة» (الثني) قبل أي تحركات عسكرية. وفي تعاطي دول المغرب العربي مع الحدث، قالت تونس إنها تتفهم طلب مصر من الأمم المتحدة التدخل العسكري في ليبيا وإنها ستتعامل مع أي قرار أممي بهذا الخصوص. وأوضح المتحدث الرسمي باسم الخارجية التونسية، مختار الشواشي أن «تونس تذكر من حيث المبدأ أنها تبقى مساندة للحوار بين الأطراف الليبية من أجل التوصل لحل سياسي، لكنها ستقف إلى جانب مصر في هذا الظرف الأليم»، علماً بأن الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، أكد الأسبوع الماضي أن بلاده ضد أي تدخل أجنبي عسكري في ليبيا.
أيضاً، أعلن المغرب أنه علق مؤقتاً الرحلات الجوية بينه وبين ليبيا بسبب «عدم مطابقة معايير السلامة»، ومنع عبور الطائرات الليبية مجاله الجوي، في وقت أفيد فيه بأن طائرة تجارية ليبية متجهة إلى إسطنبول أجبرت على العودة إلى طرابلس، بعدما منعتها مصر من الطيران فوق مجالها الجوي.
إلى ذلك، أعلن عدد من أقرباء مصريين موجودين في طرابلس علمهم باختطاف 35 من العاملين وجميعهم من قرية واحدة في محافظة بني سويف جنوب القاهرة، فيما بدأت الأجهزة الأمنية التحرك لمحاولة التوصل إلى معلومات عن الخاطفين. كذلك ترددت أنباء عن طلب خاطفي الصيادين المصريين البالغ عددهم 21 شخصاً فدية مالية (4 ملايين جنيه ونصف مليون، أي نحو نصف مليون دولار)، وهو ما نفته الحكومة، قائلة إنها بدأت إجراءات صرف معاشات مؤقتة لأسر المخطوفين.