ريف دمشق | مع الساعات الأولى للتقدم الذي أحرزه الجيش السوري في عدة قرى وتلال، شمالي غرب درعا، بدأت تحصينات المعارضة المسلحة بالانهيار في القرى الأقرب، حيث أن مثلث العمليات (دير العدس، وكفر شمس، وكفر ناسج) بات بحكم الساقط عسكرياً، بعدما استطاع الجيش السوري استعادة دير العدس كاملةً، والإمساك بزمام المعركة من خلال إشرافه الناري على قريتي كفر شمس وكفر ناسج، وفيما تتواصل الاشتباكات في تلك الأخيرة إلى غير مصلحة المسلحين، كانت الفصائل المقاتلة، بما فيها «النصرة»، قد طلبت من الجيش السوري هدنةً ميدانية، نقلتها إليه عبر وساطاتٍ محلية.
مصدرٌ عسكريٌ مسؤول كان قد أكد، في اتصالٍ مع «الأخبار»، أن «فكرة الهدنة لن تسري هنا. فالجيش أخذ قراره بحسم المعركة، وتطهير القرى التي لا يزال يقطنها المدنيون حتى اليوم.. أمّا مفهوم الهدنة، فلا يشمل جبهة النصرة وأمثالها ممن ينسقون مع العدو الإسرائيلي يومياً». ويكشف المصدر: «نداءات الرحمة التي وجهها إلينا هؤلاء الإرهابيون لم تبدأ اليوم، بل منذ اليوم الأول للمعركة كانت تصلنا مثل هذه العروض ونرفضها».
في هذا السياق، أكدت مصادر محلية لـ«الأخبار» أن الجيش السوري، والقوى الحليفة له، كانوا قد أمهلوا مقاتلي المعارضة المسلحة مدة أقصاها 48 ساعة، اعتباراً من مساء السبت الماضي للانسحاب الكامل من كفر شمس، التي تُستهدف فيها مواقع المعارضة المسلحة من مدفعية الجيش المرابطة على أطرافها. وتركزت معظم الاشتباكات والضربات الصاروخية للجيش السوري خلال ساعات الظهيرة من يوم أمس في تل عنتر، حيث تكبدت فصائل المعارضة فيه خسائر فادحة وصلت إلى عشرات القتلى في صفوف مقاتليها.
في موازاة ذلك، يبدو أن فكرة «معارك الإشغال»، التي كان يستثمرها المسلحون لإفقاد الجيش السوري تركيزه على جبهة واحدة، قد باءت بالفشل. وكان اللافت، في معارك يوم أمس، أن وحدات الجيش السوري كانت تقاتل في ذات الوقت في مساحة واسعة من محافظة درعا، ضد فصيلي «النصرة» و«الجيش الحر». وكانت أعنف المعارك قد نشبت في الحي الشرقي من بصرى الشام، وغربي إبطع وكفر ناسج والهبارية، وهو ما أرسى القدرة على القتال في أكثر من جبهة، ومن دون تشتيت التركيز على جبهة كفر شمس والقرى المحيطة بها.
وفي ريف دمشق، كانت مجموعة من مقاتلي «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» و«جيش الإسلام» قد نفذت عملية تسلل واسعة، انطلاقاً من محور حي المناشر، وصولاً إلى الجهة الشمالية الشرقية من حي جوبر، غير أن حالة التأهب التي تعيشها قوات الجيش السوري، في جوبر، كانت كفيلة بصد سريع لعملية التسلل، ما أدى إلى مقتل 16 مسلحاً من التنظيمين، وسقوط عدد من الجرحى. في سياقٍ آخر، أصدرت «جبهة النصرة»، بيانها الرقم «23»، في محاولة لتبرئة نفسها من التفجيرات والعبوات الناسفة التي تستهدف كلا من بلدة التل ووادي بردى. وجاء فيه: «اللهم إنا نشهدك أننا براءٌ من هذه الأفعال، والذي نَدين به إلى الله أنه لا يجوز ترويع المسلمين».
إلى ذلك، أعلن «فيلق الشام» إحدى أذرع «الجيش الحر» المنتشرة في حي جوبر، عبر تسجيل صوتي، بدء حملة «نصرةً لدوما».