يبدو أن مدينة تل أبيض الحدودية مع تركيا في ريف الرقة ستكون مسرحاً لمعركة جديدة بين«داعش» و«الوحدات» الكردية، في ظل الانكسارات المتتالية لـ«داعش» في ريف عين العرب «كوباني» واقتراب «وحدات حماية الشعب» الكردية بمساندة «لواء ثوار الرقة» من المدينة، ما يعني بدء ضرب التنظيم في معاقله وانتقاله لمرحلة الدفاع عن عاصمته في الرقة، التي طالما حصنها واتخذ منها نقطة لتنفيذ الهجمات، بالإضافة إلى تحوّلها لنقطة صراع تركي كردي جديد يهدف إلى منع الأكراد من خلق تواصل جغرافي بين مناطق «الإدارة الذاتية» المعلنة في «الجزيرة (الحسكة)، كوباني (عين العرب)، عفرين»، وذلك من خلال نشر دباباتها على الشريط المحاذي لتل أبيض.
«الوحدات» التي اقتربت من المدينة من خلال السيطرة على أكثر من ثلاثين قرية بين عين العرب وتل أبيض، وآخرها قرية منيس كور يوم أمس، بدأت تحشد قواتها لبدء معركة تل أبيض التي تريد من خلالها السيطرة على المدينة وخلق تواصل جغرافي بين مناطق «الإدارة الذاتية»، وذلك عبر ربط مدينة عين العرب «كوباني» بمدينة رأس العين بريف الحسكة، مروراً بمدينة تل أبيض. هذا المسعى جوبه بإجراءات تركية لقطع الطريق على «الوحدات» من خلال خطوة سحب الجنود من الشريط الحدودي ونشر دباباتها في سيناريو مكرّر لما حصل مع بداية معركة عين العرب في تشرين الأول الماضي؛ لمنع «الوحدات» من السيطرة عليها وتحقيق غايتها بخلق تواصل جغرافي بين مناطقها، وذلك بما ينسجم مع تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المتكرّرة «بمنع الأكراد من إقامة حكم ذاتي على الحدود معها». يأتي ذلك في ظل اتهامات كرديّة للأتراك «بسحب قواتهم من الشريط الحدودي المحاذي للمدينة لفسح المجال لـ«داعش» للتنقل بحرية واستقدام التعزيزات لتحصين وجوده فيها».
مصدر ميداني كردي من داخل مدينة عين العرب أكد «أن وحدات الحماية تستعد لفتح طريق كوباني (عين العرب) كري سبي (تل أبيض)، تمهيداً لفتح طريق كري سبي، وصولاً إلى سري كانيه (رأس العين)، وطرد «داعش» منها».
ونفى المصدر في حديث لـ«الأخبار» الاتهامات بأن «الوحدات تريد خلق نقاط تواصل جغرافي بين مناطقها تمهيداً لإعلان كيان مستقل»، مؤكداً «أن الهدف من هذه المعارك إنساني بالدرجة الأولى ويهدف إلى تخليص مكونات المنطقة من إرهاب «داعش»».
وتتهم أطراف عدّة الأكراد في سورية باستثمار الحرب لخلق كيان مستقل لهم على الحدود، وذلك بالتزامن مع نشر «المرصد السوري» المعارض لخريطة، أوضح أن «نوري بريمو القيادي الكردي نشرها تحت مسمّى خريطة كردستان سوريا أو ما يطلق عليه اسم روج أفا».
وبحسب الخريطة «فإن كردستان سوريا تمتد من المالكية في الحسكة وصولاً إلى جبل الأكراد ولواء اسكندرون على طول الشريط الحدودي السوري التركي».
في سياق متصل، علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن «الوحدات» ستركز على إسناد مهمّة الهجوم على تل أبيض لحلفائها في ما يعرف بـ«غرفة عمليات بركان الفرات» المكوّنة من مجموعة من فصائل «الجيش الحر»، أبرزها «لواء ثوار الرقة» لتكون شريكة لقواتها بما يسمح لها بتفنيد الاتهامات بوصل جغرافي لمناطقها متفرّدة، وأن المعركة ستكون بالاشتراك مع«الكتائب المقاتلة» الأخرى من أبناء المنطقة التي شاركت أصلاً في العمليات العسكرية في عين العرب. وهو أمر يتنافى مع تصريح قائد «لواء ثوّار الرقّة»، أحمد علوش منذ عدّة أيام قال فيه: «بالاتفاق مع كافة الأطراف لن تدخل قوة عسكرية إلى مدينة تل أبيض (ما زالت تحت سيطرة «داعش») إلا لواء ثوار الرقة»، ما يفسح المجال للخلافات بين الطرفين.
إلى ذلك، يسعى تنظيم «داعش» إلى تنفيذ عمليات التفاف على «الوحدات» عبر الهجوم على بلدة تل تمر للسيطرة عليها وحصار مدينة رأس العين تمهيداً لمهاجمتها من محوري تل تمر وبلدة مبروكة في ريف رأس العين الغربي الواقعة تحت سيطرته بهدف تشتيت قوات «الوحدات» ولتخفيف الضغط على قواته في عين العرب. الاشتباكات العنيفة اندلعت أمس بين «الوحدات» و«داعش» في المنطقة الواقعة بين بلدة تل تمر وقرية الخريطة من جهة وقرية الخريطة ومفرق صديق من جهة أخرى، ما أدى إلى وقوع خسائر في صفوف الطرفين. بالتزامن مع اشتباكات متقطعة بينهما في قرية تل هرمز في ريف تل تمر.
وفي السياق، اندلعت اشتباكات بين الجيش السوري و«داعش» بالقرب من مفرق صديق على طريق تل تمر الجنوبي بالتزامن مع قصف مدفعي كثيف لخطوط التنظيم الخلفية في قرى جبل عبد العزيز، مع معلومات عن سقوط قتلى ومصابين في صفوفهم.