التطورات الميدانية في ريف حلب تواصل سيرها عكس ما يشتهي تنظيم «الدولة الإسلامية». «وحدات حماية الشعب» الكردية باتت على مسافة قريبة من مدينة جرابلس (ريف حلب الشمالي الشرقي) التي كانت حتى وقت قريب معقلاً آمناً لـ«داعش»، والمحاذية للحدود التركية. «الوحدات» تمكنت أخيراً من استعادة السيطرة على قرية خربة عطو (التابعة لناحية شيوخ تحتاني)، في أعقاب معارك عنيفة، فيما يحاول مسلحو التنظيم التمترس في قرية شيوخ فوقاني، بوصفها خطّ دفاع متقدماً عن جرابلس.
ورغم الأهمية الاستراتيجية والمعنوية التي تمثلها جرابلس للتنظيم، غير أن خروجها من سيطرته لا يُعتبر بالضرورة خسارةً لا تعوّض. «داعش» كان قد خسر المدينة نفسها العام الماضي، قبل أن يستعيدها ويحوّلها إلى معقل للرايات السوداء، مع الأخذ في عين الاعتبار أن الظروف «الإقليميّة والدوليّة» قد تغيّرت اليوم، ما يجعل استعادة التنظيم لأي منطقة يخسرها عملية في غاية الصعوبة. وتتواصل المعلومات التي تتحدث عن انسحابات يُنفذها «داعش» من مناطق الريفين الشمالي والشرقي، وسط امتناع المصادر المحسوبة عليه عن الإدلاء بأي معلومة حول طبيعة هذه الانسحابات. مصدر مرتبط بالتنظيم قال لـ«الأخبار» إنّ «التكتم على تحركات المجاهدين لا يأتي من باب وجوب التكتّم فحسب، بل لأنّ بعض مراحل الجهاد تقتضي أن تُرسم الخطط على مستويات أمراء الصف الأول فقط». المصدر أكّد أنّ «التوجيهات تأتي تباعاً للمجاهدين، وهم يُنفذون خطوةً تلو الأخرى». وتعليقاً على الأنباء التي تحدثت عن «نشوب خلافات بين عناصر داعش المهاجرين (من غير الجنسية السورية)، ونظرائهم الأنصار (سوريي الجنسية) في ريف حلب» قال المصدر إنّ «هذا يندرج في إطار الكذب والتدليس الذي يُمارس ضدّ دولة الخلافة لإحباط عزائم مجاهديها». المصدر أكّد أنه «في كل المعارك هناك خطط دفاعية وأخرى هجومية، وحدها دولة الخلافة فاجأت العالم حين شنّت هجوماً في وقت كان فيه العالم يتكالب عليها (في إشارة إلى مهاجمة عين العرب)». ورفض المصدر في الوقت نفسه اعتبار هذا الكلام إشارة إلى اعتزام التنظيم فتح جبهات جديدة، مكرراً القول بضرورة «الاستعانة على قضاء الحوائج بالكتمان». وكان ناشطون قد تحدثوا عن «انسحاب أجانب داعش من قرى عدة، مثل حتيملات، ودابق، وتركمان (في الريف الشمالي)، مع استمرار العناصر السوريين في التمركز هناك»، ما يندرج في إطار التكهنات المتداولة عن «اعتزام التنظيم الانسحاب من الريف الشمالي والشرقي لحلب، للتمركز في ريف الرقة وريف دير الزور».
على صعيد متصل، كانت «الوحدات» قد أعلنت في بيانٍ لها «مواصلة التقدم في ريف كوباني»، معلنة السيطرة على عشر قرى. في الأثناء، استمرّت معارك الكر والفر في محيط مخيم حندرات، ومحيط قرية سيفات (شمال حلب) بين الجيش السوري وحلفائه من جهة، و«الجبهة الشامية»، و«جبهة أنصار الدين» من جهة أخرى. مصادر الأخيرة، نفت أمس صحة الأنباء التي تحدثت عن تنسيق بينها وبين «داعش» في شأن«الانسحابات التي يعتزم التنظيم تنفيذها». وقالت صفحة «جبهة أنصار الدين» على موقع «تويتر» إنه «لا صحة لما تداولته بعض وسائل الإعلام عن تواصل تنظيم الدولة معنا بشأن تسلمنا نقاط رباطه في ريف حلب الشمالي».