تجاهلت الصحف المصرية والخليجية، أمس، التعليق على التسريب المنسوب للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبيل ترشحه لمنصب الرئاسة (كان وزيراً للدفاع)، والخاص بالتعليق على الدور الخليجي في مصر. ولعل الاشارة الوحيدة المرتبطة بهذه القضية التي طالب فيها السيسي بانتزاع عشرات مليارات الدولارات من الخليجيين، كانت الإعلان عن استقبال وليّ العهد السعودي، الأمير مقرن بن عبدالعزيز، في مكتبه في الرياض، أمس، سفير مصر لدى المملكة، عفيفي عبد الوهاب.
في هذا الوقت، ختم اليوم الأول لفتح باب الترشح لانتخابات البرلمان في مصر، بمقتل أكثر من عشرة أشخاص، أمس، خلال اشتباكات بين قوات الأمن المصرية ومشجعين للفريق الأول لكرة القدم في نادي الزمالك أمام استاد في شرقي القاهرة. وقالت مصادر أمنية وطبية إن نحو 22 قتيلاً سقطوا قبيل بدء المباراة عندما حاول مشجعون الدخول «عنوة»، لكن الصفحة الرسمية للمشجعين قالت إن الأمن وضع بوابة حديدية صغيرة مع سلك شائك لا تكفي لدخول أعداد كبيرة، ثم فاجأ الأمن المشجعين بإطلاق قنابل الغاز والرصاص. وتعيد هذه الحادثة إلى الأذهان اليوم الذي قتل فيه أكثر من 70 من مشجعي الفريق الأول لكرة القدم في النادي الأهلي، في مدرج في استاد مدينة بورسعيد الساحلية في شباط 2012.
عشرات القتلى والإصابات في اشتباك بين قوات الأمن ومشجعين في مباراة قدم

وأوردت الوكالة السعودية الرسمية أو المواقع الرسمية أن لقاء مقرن مع عبد الوهاب كان مخصصاً للبحث في قضية التسريبات التي بثتها قناة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة وأحدثت ضجة كبيرة على مستوى مواقع التفاعل الاجتماعي. إذ اكتفت الوكالة السعودية بالقول إن السفير عفيفي نقل تهانئ الرئيس السيسي ورئيس الوزراء إبراهيم محلب إلى مقرن، لمناسبة مبايعته ولياً للعهد، فيما حمّل مقرن السفير تحياته للسيسي ومحلب، ثم بحثا «الموضوعات ذات الاهتمام المشترك».
رغم ذلك، من الصعب التنبّؤ بتأثيرات هذه التسريبات، رغم ما حمله الكلام المنسوب للسيسي من أوصاف «تقدح» في دول الخليج وتظهر أن العلاقة معها مبنية على المصلحة المادية فقط. وفيما انشغلت مواقع التواصل بالتسريب، لم تشر أي صحيفة مصرية أو خليجية إلى التسريب بالتصريح أو التلميح، كما لم تلمح إلى نفي إبراهيم محلب التسريبات، التي وصفها، في مداخلة تلفزيونية، بأنها «لن تنال من الجبهة الداخلية، ولن تؤثر في معنويات المصريين». لكن محلب أكد أنه كلف وزير الداخلية (محمد إبراهيم) بمتابعة ملف هذه التسريبات فضلاً عن متابعة «الخارجية» استضافة بعض الدول «هذه القنوات التي تحرّض علناً على الإرهاب».
وفي حين لم يظهر في كل الصحف السعودية والإماراتية والكويتية أي تعقيب على الموضوع، ظهرت صحيفتا الراية والعرب القطرية، الأولى تحت عنوان «في تسريب يكشف استيلاء الجيش على أموال المنح... السيسي يحتقر الخليج ويلهث وراء ملياراته»، والثانية «تسريب للسيسي ومساعديه: دول الخليج أنصاف دول ويجب التعامل معها بمنطق خد وهات».
أما الصحف المصرية فتصدّرت صفحاتها عناوين متعلقة بحركة المحافظين (حكام الأقاليم) الجدد، وزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقاهرة، المقررة اليوم، وأيضاً فتح باب الترشيح لانتخابات مجلس النواب أمس، وبداية الدراسة في الجامعات كذلك.
في هذا السياق، فإن وسائل الإعلام المحلية والدولية ركزت على شخوص المحافظين الجدد الذين أدّوا اليمين الدستورية أمام السيسي، أول من أمس، بعدما عرض الرئيس في اجتماعه معهم «أولويات المرحلة المقبلة». ووفق قائمة المحافظين، فإنها تضم 17 محافظاً جديداً (من أصل 27 محافظة)، منهم ثلاثة عسكريين، وخمسة أساتذة جامعات، واثنان من السلك القضائي، إضافة إلى مهندسين وأطباء. كذلك تصدرت القائمة ثلاث سيدات للمرة الأولى، علماً بأن آخر تعديل لحركة المحافظين كان إبان حكم الرئيس السابق، عدلي منصور.
قضائياً، قررت محكمة جنايات القاهرة نقل مقرّها من معهد أمناء الشرطة (جنوبي القاهرة) إلى سجن وادي النطرون العمومي، بناءً على قرار من وزارة العدل، وذلك لصعوبة نقل المتهمين في قضية «أحداث مسجد الفتح»، البالغ عددهم 494 متهماً إلى مقر المحكمة الرئيسي، وفق مصدر قضائي. كذلك قررت المحكمة تأجيل المحاكمة في هذه القضية إلى جلسة 29 آذار.
في السياق نفسه، قضت محكمة مصرية، أمس، بإعدام ثلاثة أشخاص، بينهم أجنبي (كردي)، بعد إدانتهم بتهم، من بينها التخابر مع تنظيم «القاعدة» لتنفيذ هجمات ضد قوات الجيش وسفارات في مصر. كذلك عاقبت متهماً رابعاً بالسجن لمدة عشر سنوات، فيما حوكم الأربعة غيابياً.
وبشأن الوضع القانوني لجماعة الإخوان، قال نائب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، إنه يرفض اعتبار الإخوان جماعة «إرهابية». وأضاف، في كلمة خلال اجتماع حضره مسؤولون من إيران ومصر في مقر وزارة الخارجية الإيرانية، إننا «لا نقبل إدراج الإخوان كجماعة إرهابية... يمكن أن يكون بعضهم قد أقدم على أعمال عنف، ولكن ذلك لا يعني أن جميع الإخوان إرهابيون». وأكد عبداللهيان أن «الإخوان جزء من المجتمع المصري، ويجب النظر بواقعية حيال ذلك».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، الأناضول)