هل جُمّدت خطة وسيط الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا الهادفة إلى تجميد القتال في مدينة حلب؟ وكالة «رويترز» نقلت أمس عن «دبلوماسيين مطّلعين» على محادثات دي ميستورا أنّ «الخطة وصلت الى طريق مسدود، في ظل شعور دمشق بأنها ليست في حاجة إلى تقديم تنازلات لجماعات المعارضة المسلحة المختلفة». في المقابل، أكّدت مصادر سورية رفيعة المستوى لـ»الأخبار» أن الخطة باتت فعلاً مجمدة، «لكن ليس بسبب المفاوضات نفسها، ولا صلة للفشل بإدارة دي ميستورا، بل إن المشكلة تكمن في الدور السلبي الذي يلعبه داعمو المعارضة المسلحة، وخاصة تركيا وفرنسا».
وبحسب المصادر، «فإن باريس وأنقرة عرقلتا جهود دي ميستورا، من خلال الإصرار على أن تشمل الخطة مدينة حلب وريفها في آن واحد. فبرأي العاصمتين، سيصبّ تجميد القتال في حلب دون ريفها في مصلحة الجيش السوري الذي سيتمكن من إحكام الطوق حول المدينة انطلاقاً من الريف، وفك حصار «جبهة النصرة» وحلفائها عن بلدتي نبّل والزهراء (شمال حلب). أما توسيع رقعة التجميد لتشمل الريف الحلبي، فيعني عملياً إراحة المعارضة والسماح لها باستغلال قواتها الموجودة في حلب ونقلها إلى مناطق قتال أخرى، إضافة إلى الاعتراف بنوع من الحكم الذاتي والشرعية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة»، وهو ما ترفضه الحكومة السورية. وأكدت المصادر أن تركيا وفرنسا تخوضان حالياً معركة في الشمال السوري لمنع الجيش من إحكام الطوق على حلب. وبالتالي، فإن أي بحث جدي في مبادرة دي ميستورا بات مؤجلاً إلى ما بعد جلاء الصورة في العاصمة الاقتصادية لسوريا ومحيطها، علماً بأن نجاح الجيش في تحقيق ما خطّط له (تطويق الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب وفك الحصار عن بلدتي نبّل والزهراء) سيحوّل خطة دي ميستورا إلى غير ذات معنى بنظر معارضي النظام، سواء في المدينة أو فيها وفي ريفها. ولفتت المصادر إلى أن «فرنسا تشارك تركيا في إدارة القتال في الشمال السوري، نيابة عن السعودية».
كذلك نقلت «رويترز» عن دبلوماسي قوله: «التجميد مجمّد. يسير من سيّئ الى أسوأ». وأشار دبلوماسي ثان إلى أنّ «المحادثات بين فريق الأمم المتحدة والحكومة وصلت الى طريق مسدود لأن دمشق تريد وضع الخطة استناداً الى هدنات سابقة أجبرت مقاتلي المعارضة على الاستسلام، وأن الأمم المتحدة تريد تجنّب هذا». وأضاف: «ليس هناك ما يدعو النظام إلى دخول التجميد، فهو يعتقد أن أداءه العسكري جيد جداً وأن لديه إمكانية إغلاق الممر الى حلب ووضعها تحت الحصار». وكانت دمشق قد استقبلت منتصف الشهر الماضي مساعد دي ميستورا، الدبلوماسي المصري رمزي عزالدين رمزي، حاملاً معه نسخة منقحة من خطة دي ميستورا، تتضمن الإجابة عن بعض أسئلة دمشق عن كيفية تجميد القتال وضمان وقف تهريب السلاح إلى المعارضة من تركيا وغيرها، والآلية التي تتيح عدم منح الجماعات الإرهابية، كـ»جبهة النصرة»، شرعية بحكم سيطرتها على جزء من الأحياء الحلبية. وأكّدت مصادر سورية رفيعة المستوى لـ»الأخبار» حينذاك أن الورقة الجديدة التي حملها رمزي «قابلة للنقاش».
(الأخبار، رويترز)